«التمييز»: لا يجوز للبنوك الإسلامية المطالبة بفوائد التأخير
أكدت أنها وفق الشريعة ربا محرم
في حكم قضائي بارز أكدت محكمة التمييز التجارية برئاسة المستشار خالد المزيني، عدم أحقية البنوك الاسلامية بالكويت في تقاضي اي فوائد تأخيرية من عملائها الممتنعين عن سداد المبالغ المتحصلة للبنوك، وذلك لمخالفة تلك الفوائد لأحكام الشريعة الاسلامية.وأضافت "التمييز" في حيثيات حكمها، الذي حصلت "الجريدة" على نسخة منه، ان البنوك الاسلامية ملتزمة بتطبيق احكام الشريعة الاسلامية التي تعتبر الفوائد ربا محرما شرعا ولا يجوز لها أن تتقاضاها، او حتى المطالبة بها كتعويض عن اضرار امتناع العملاء عن السداد او التأخير في عملية السداد.وبينت أن مطالبة احد البنوك الاسلامية بالارباح عن التأخير في السداد بواقع 7% اعتبارا من تاريخ قفل الحساب، رغم ان معاملات البنوك تعتبر عملا تجاريا، فإن هذا النعي غير سديد، وذلك لأنه وإن كان القرض بطبيعته من عمليات البنوك وينحسر عن معاملاتها، حظر استحقاق الفائدة طالما توافرت موجبات استحقاقها طبقا لاحكام المرسوم بقانون رقم 68 لسنة 1980 بشأن إصدار قانون التجارة المنشور في 19/1/1981.
وتابعت، إلا ان المشرع قد اضاف قسما خاصا بالبنوك الاسلامية الى الباب الثالث من القانون رقم 32 لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي، وتنظيم المهنة المصرفية بموجب القانون رقم 30 لسنة 2003، على ان البنوك الاسلامية هي البنوك التي تزاول اعمال المهنة المصرفية، وما ينص عليه قانون التجارة، او يقضي العرف باعتباره من اعمال البنوك، وذلك وفقا لاحكام الشريعة الاسلامية، وتقوم بصفة معتادة بقبول الودائع بأنواعها في شكل حسابات جارية او حسابات توفير او حسابات استثمار لآجال ولأغراض محددة او غير محددة، وتزاول عمليات التمويل بآجالها المختلفة مستخدمة في ذلك العقود الشرعية مثل المرابحة والمشاركة والمضاربة.
ضوابط «المركزي»
وأضافت "التمييز" في حكمها، ان البنوك الاسلامية تباشر عمليات الاستثمار المباشر والمالي سواء لحساب أو حساب الغير او بالاشتراك مع الغير بما في ذلك انشاء الشركات او المساهمة في الشركات القائمة او تحت التأسيس التي تزاول أوجه النشاط الاقتصادي المختلفة بما لا يتعارض مع احكام الشريعة الاسلامية، ووفقا للضوابط التي يضعها مجلس ادارة البنك المركزي في هذا الشأن، وذلك كله وفقا للأحكام الواردة في هذا القانون كما جاء في المادة 100 منه، على انه: فيما لم يرد بشأنه نص خاص في هذا القسم تخضع البنوك الاسلامية لاحكام هذا القانون وبما لا يتعارض مع احكام الشريعة الاسلامية.وقالت المحكمة إن هذا التشريع قد أورد استثناء على الاعمال التجارية الواردة بقانون التجارة السابق عليه، والتي ينحسر عنها حظر استحقاق الفائدة، بان تكون تلك الاعمال وما ينتج عنها لا تتعارض مع احكام الشريعة الاسلامية، ومن ثم فان ما تجريه البنوك الاسلامية من خدمات وعمليات مصرفية وسائر اوجه نشاطها وما ترتبه به من حقوق أو يتولد عنها من التزامات يجب ان يتفق مع احكام الشريعة الاسلامية. وذكرت أنه كان من المقرر، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، ان الفوائد من الربا المحرم شرعا، ولا يشفع في ذلك القول بأن مبنى الفوائد التأخيرية هي التعويض عن تأخر المدين في الوفاء، لأن التعويض لا يكون الا عن ضرر حاصل فعلا، في حين لا يبحث في تلك الفوائد عن توافر الضرر بل هو مفترض افتراضا لا يقبل اثبات العكس، وهو ما لا يتوافق مع الوافع في جميع الاحوال، وهذا النهج في معنى الفوائد في هذا الشأن هو الذي سار عليه المشرع في القانون المدني، وفقا لما أوضحته مذكراته الايضاحية، ولا يحول هذا بالطبع بين حق الدائن في الرجوع على المدين في حالة تأخره في تنفيذ التزامه بالوفاء بالمبلغ المستحق في الميعاد المعين للوفاء من ضرر واجب الاثبات في هذه الحالة وفقا للقواعد العامة.ولفتت المحكمة الى ان الثابت من عقد التسهيلات الائتمانية سند الدعوى قد نص في بنده التمهيدي على ان البنك الطاعن مؤسسة مصرفية تتعامل طبقا لنظامها الاساسي وفق احكام الشريعة الاسلامية، وقد ابدى العميل، المطعون ضدها الاولى، رغبته في الحصول على الخدمات المصرفية التي يقدمها البنك وفقا لنظامه الاساسي بما مؤاده ان البنك الطاعن قد وفق أوضاعه وفقا لنظامه الاساسي بالعمل تحت مظلة احكام البنوك الاسلامية الواردة رقم 32 لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية وتعديلاته، وبما لا تتعارض معاملاته المصرفية بكل انواعها مع احكام الشريعة الاسلامية، وان المطعون ضدها الاولى قد رغبت أن تكون معاملاتها المصرفية مع البنك الطاعن وفق هذا النظام، ومن ثم لا يسوغ ذلك المطالبة بفوائد تأخيرية عن ذلك المبلغ ولا يتبقى للبنك الطاعن سند لطلب التعويض مقابل التاخير، الا ان يثبت أن ثمة ضرارا قد لحقه جراء ذلك وفقا للقواعد العامة وهو ما خلت منه الأوراق.قبول الانضمام في الطعن بعد الميعاد
أكدت محكمة التمييز أن التدخل الانضمامي في الطعون أمامها يخضع لأحكام المادة 134 من قانون المرافعات، لافتة إلى أن مفاد نص المادة المذكورة، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، يدل على أن الشارع بعد أن أرسى القاعدة العامة في نسبية الأثر المترتب على رفع الطعن، بأنه لا يفيد منه إلا من رفعه، ولا يحتج به إلا على من رفع عليه، بين الحالات المستثناة منها، وهي تلك التي يفيد منها الخصم من الطعن المرفوع من غيره في الأحكام التي تصدر في موضوع غير قابل للتجزئة، أو في التزام بالتضامن، أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين.وأضافت "التمييز" أن الشارع استهدف من ذلك استقرار الحقوق ومنع تعارض الأحكام في الخصومة الواحدة بما يؤدي إلى صعوبة تنفيذ تلك الأحكام، بل واستحالته في بعض الأحيان، وهو ما قد يحدث إذا لم يكن الحكم نافذا في مواجهة جميع الخصوم في الحالات السالفة التي لا يحتمل الفصل فيها إلا واحدا واحدا بعينه، وتحقيقا لهذا الهدف أجاز الشارع للمحكوم عليه أن يطعن في الحكم اثناء نظر الطعن بالتمييز او بالاستئناف المرفوع في الميعاد من احد زملائه، منضما إليه في طعنه حتى لو كان قد فوت ميعاد الطعن او قبل الحكم، على ألا يكون له أن يطلب من الطلبات ما يخالف ما طلبه الطاعن في الطعن المنظور او تزيد عليها.وتابعت: "وإن قعد الاخير عن ذلك وجب على المحكمة أن تأمر باختصام المحكوم عليهم في الطعن، وهو ما يتفق مع اتجاه الشارع إلى "الاقلاع من دواعي البطلان بتغليب موجبات صحة اجراءات الطعن واكتمالها على أسباب بطلانها او قصورها، اعتبارا بأن الغاية من الاجراءات هو وضعها في خدمة الحق، وذلك بتمكين الصحيح من الباطل ليصححه لا تسليط الباطل على الصحيح فيبطله، فإذا ما تم اختصام باقي المحكوم عليه استقام شكل الطعن واكتملت له موجبات قبوله بما لازمه سريان اثر الطعن في حق جميع الخصوم، ومنهم من تم اختصامه فيه رفعه.