الفزعة الدولية لمأساة الروهينجا... هل من نتيجة؟
صرح كريستوفر سيدوتو عضو لجنة تقصي الحقائق الدولية بأنه آن الأوان لإحالة القيادة العليا لجيش ميانمار الملقب بـ"تاتماداو" إلى المحكمة الجنائية الدولية، استناداً للانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها كجرائم ضد الإنسانية، وجرائم إبادة جماعية، وجرائم حرب ضد أقلية الروهينجا المسلمة. تقرير اللجنة سيُعرَض مع الكثير من الصور في 18 سبتمبر بمجلس حقوق الإنسان في جنيف، وقد يتبعه مجلس الأمن بنيويورك، إذ إن تلك اللجنة المعنية تأسست استجابة لطلب من مجلس الأمن بعد زيارة قام بها لميانمار في مارس الماضي.ورفضت ميانمار استقبال اللجنة ولم تسمح لها بزيارة البلد، واعتبرت ذلك تدخلاً في الشؤون الداخلية، وأن ما قامت به كان رداً على مهاجمة إرهابيين للجيش في 2017، وأن تصرف الجيش كان في حدود المسموح به.
اللجنة الدولية من جانبها، جالت في عدة دول بالعالم، وأجرت 875 مقابلة، واعتمدت على مصادر مختلفة كالخبراء في مجال الاعتداءات الجسدية والجنسية والنفسية، بما في ذلك صور من الأقمار الصناعية توضح كيفية إزالة قرى بكاملها، وغير ذلك من الأدلة، ولم تعتمد إلا الأدلة التي اطمأنت لها. وأوضحت اللجنة أن أجواء الإفلات من العقاب التي وضعت السلطة العسكرية (مع تسمية رئيس تاتماداو و6 من قياداته العليا) فوق القانون سنوات طويلة، جعلت تدخل المجتمع الدولي الوسيلة الوحيدة لإصلاح الوضع."فيس بوك" من جانبها ألغت 18 حساباً و52 صفحة تابعة لـ "تاتماداو"، التي يتابعها 12 مليوناً، مبررة أنها لن تقبل خطابات الكراهية والشائعات والتحريض على العنف التي تبثها تلك الحسابات.وتضامنت منظمات دولية منها العفو الدولية، والووتش، وفورتيفاي رايتس، وأنقذت الأطفال بالدعوة لإحالة جيش ميانمار إلى المحكمة الجنائية الدولية.ورغم أن التقرير يعد من أقوى وثائق الإدانة الدولية ويلخص مأساة الروهينجا بشكل محترف ومهني، فإن هذه المأساة ليست جديدة، بل نجد مثلها في أماكن أخرى في العالم، ومنطقتنا ليست استثناءً. قد تختلف الدرجة، ولكن مشكلة التمييز واضطهاد الأقليات وحرمانهم من أبسط حقوقهم هي المستمرة، وستجد في كل مكان من يتذرع بأن تلك الجرائم ضرورية لمكافحة الإرهاب تارة، أو لتثبيت السيادة الوطنية تارة، أو لرفض التدخل بالشؤون الداخلية تارة أخرى، أو غير ذلك من المبررات.وذكر التقرير أن أحد أبرز الأحزاب في ميانمار صرح بأن "أفعال هتلر غير الإنسانية أحياناً تكون ضرورية للمحافظة على الأعراق". تساءلت حينها كم من الذين ينددون بالجرائم البشعة التي يرتكبونها ضد المسلمين في ميانمار سيرى هذه المقولة مقبولة لو تم تطبيق الوضع في محيطه الديني أو السياسي أو الاجتماعي؟المجتمع الدولي أمام اختبار واضح، والتعامل مع مأساة الروهينجا سيوضح إلى أين سيتجه ذلك العالم، حيث ربما تكون البداية للتعامل الجاد مع هذه الجرائم البشعة. ومع أنني لا أعول على تحسن كبير في التعامل الدولي، فإنني دائماً آمل أن يتغير شيء من سلوك البشر.