العراق: طرق إيرانية «مبتكرة» للتدخل بالحكومة
ضغط على القضاة لعرقلة تحالف المعتدلين... وإغراق السوق بعملة مزيفة
كشفت مصادر مقربة من التحالف، الذي يجمع رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي برجل الدين مقتدى الصدر ونائب رئيس الجمهورية أياد علاوي، أن إيران تحاول ابتكار طرق معقدة للتأثير على صفقات تشكيل الحكومة الجديدة، تشمل التأثير على قضاة كبار، وزعزعة الاستقرار المالي النسبي، مشيرة إلى أن طهران تشعر بغضب شديد من التراجع الواضح في دور قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني المعتاد لتشكيل الحكومة العراقية.وتشعر إيران بانزعاج واضح منذ منتصف الشهر الجاري، إثر ظهور كتلة نيابية كبيرة عابرة للمكونات مدعومة من مرجعية النجف، وتلقى تشجيعاً من الرأي العام العراقي والشركاء الإقليميين والدوليين، مناهِضة في مواقفها لسياسات طهران.وذكرت المصادر، أن قضايا كبيرة لها صلة بتدابير وتدخلات الحرس الثوري الإيراني، تُلاحَظ حالياً في بغداد والمدن الكبرى، وتثير ريبة أبرز الفائزين في انتخابات مايو، التي يُفترض أن تفرز برلماناً وحكومة جديدين خلال هذا الصيف، على وقع فشل طهران في تشكيل كتلة من الطائفة الشيعية، وإصرار أطراف وطنية كثيرة على وضع نواة لكتلة نيابية تضم طوائف متنوعة وليبراليين وشيوعيين، تنسق مع أبرز التيارات الإسلامية لحكومة جديدة ترعى مشروع إصلاح واعد إدارياً وسياسياً وأمنياً.
وفي مقابل تحالف العبادي وعلاوي والصدر وعمار الحكيم والحزب الشيوعي، يحتشد تحالف مكون من الميليشيات الموالية لطهران ورئيس الحكومة السابق نوري المالكي، بينما تبقى قوى سنية وكردية بارزة منتظرة في منتصف المسافة حتى الآن. وفي واحد من أغرب المؤشرات، قالت المصادر، إن إيران تحاول الضغط على قضاة عراقيين لاستصدار أوامر قضائية وتفسيرات قانونية تعرقل تحالف العبادي والصدر وعلاوي، ومنح فرصة أكبر للمالكي والميليشيات للظهور كقوة أكبر في جلسة البرلمان الأولى، مع إمكانية الضغط على أسماء شيعية وسنية لتنسحب من قوائم العبادي وعلاوي، وتلتحق بالمالكي، أو تعلن الحياد على الأقل.ووصل الأمر ببعض المصادر إلى حد القول، إن الأيام المقبلة قد تشهد موجة اعتقالات بتهمة الإخلال بالأمن القومي تستهدف قضاة أو موظفين كباراً ذوي صلة بملفات قانونية، مؤكدة توافر دلائل مادية على تعاون وتنسيق غامضين بين شخصيات قضائية بارزة والحرس الثوري، سجلت خلال الأسابيع الماضية.يأتي هذا في حين تطلق جهات عراقية مصرفية وسياسية عدة، تحذيرات من زعزعة الاستقرار المالي النسبي في العراق، وذلك بعد اكتشاف عدة محاولات تهريب لعملة عراقية مزيفة بكميات كبيرة من الجانب الإيراني.وتقول هذه الجهات، إن المأزق الذي يواجهه اقتصاد إيران، بعد سلسلة عقوبات متواصلة تفرضها واشنطن، يدفع طهران إلى التصرف بشكل هستيري في جوارها العراقي، ولن يمنعها من إغراق السوق العراقي بعملة مزيفة للضغط على بغداد، التي أعلنت التزامها بتطبيق عقوبات الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضدها مما أثار جناح المحافظين الإيرانيين والمتشددين العراقيين في الوقت نفسه.وبدعم من المرجعية الشيعية المعروفة بتوجهاتها المناهضة للتدخل الإيراني، يحاول الجناح المعتدل ممثلاً بتحالف العبادي والصدر وعلاوي والحكيم إضافة إلى العلمانيين، صناعة توازن إقليمي ودولي داخل السياسة العراقية، وتخفيف أخطاء زخرت بها الأعوام الماضية عبر مشروع إصلاح واعد، لكن تصادم واشنطن وطهران يمكن أن يمثل تصعيداً كبيراً يعقد، على نحو خطير، تشكيل الحكومة الجديدة.