تزخر رواية «أرض المؤامرات السعيدة» للكاتب اليمني وجدي الأهدل بالأحداث والسرد الجريء الكرونولوجي والتدفقي، فيجد القارئ نفسه متورطاً في صناعة الحدث أو الاستسلام لجريانه وتدفقه، يلهث خلفه متوقعاً منفعلاً متفاعلاً، ويغوص النص في المحرّمات والمسكوت عنه في الأعراف القبلية واستثمار السلطة الفاسدة له.

في روايته يصوِّر وجدي الأهدل المدن والقرى اليمنية وكيف تُطبخ ولائم الفساد التي تتواطأ السلطات في تحريك نارها مستثمرة الصحافة والمثقفين، ويتطرق إلى نزاهة القضاء وتحوّلات اليسار والمثقف الانتهازي ولا جدوى النشاط الحقوقي والمجتمع المدني، ودخول تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على خط الصراعات.

Ad

تشرّح «أرض المؤامرات السعيدة» المجتمع اليمني مضيئة، بشكل لافت، على صورة المثقف الذي يتحوّل إلى قَبلي رجعي ينهل من قانون الثأر بدل أن ينهل من الفلسفة والعلم...

لعبة الخير والشر

حول «أرض المؤامرات السعيدة» كتب د. عبد السلام الربيدي: «هل يصحّ تصنيف البشر بين محض أخيار ومحض أشرار؟ هل الخير قيمة مطلقة؟ والشرّ مثلبٌ يبدأ بزلّةٍ لا رجوع عنها؟ وهل نتعاطف مع من يغرق، نشعر برغبته الدفينة في الانعتاق من هذا الفخ، أم نتشفّى به؟

هو صحافي. باع روحه للشيطان. أمعن في التورّط مع السلطة في لعبة مُحكمة النسج يمتهنها أقوياء البلاد. في تلك الدوّامة التي سلّم نفسه لرياحها، قام مطهَّر بكلّ ما طُلب إليه من أعمالٍ دنيئة، لكنَّ ملمحاً إنسانيّاً طيّباً ظلّ لصيقاً به، يظهر في الخفاء، عند مفاصل الحكايات، في ثنايا المشهد القبيح، حين ينام جميع الحرّاس، وتنقشع قليلاً متطلّبات الوظيفة وأوامر الكبار...

في بلادٍ لا تزال العبودية تُمارَس في دهاليزها، ثمّة «خادمات» يتنقّلن بين بيوت الأسياد، فتيات يشاهدن الرسوم المتحرّكة ويشرّعن أعوامهنّ الطريّة لغزاة الليل والطفولة، وثمّة كرماء يُشهَّر بهم ومجرمون يكافَأؤون... في هذه البلاد صحافيٌّ فاسد، إنسانٌ فوّت عليه إنسانيّته، روّضها ببعض الدموع كلما ظهرت، ليموت كمداً بها...

تظهر في كتابات الأهدل آثار الصدمات النفسية الكبرى في الشخصيّات التي تشبه في مجملها بطل أرسطو التراجيدي».

«فيلسوف الكرنتينا»

كاتب يمني، مواليد الحديدة عام 1973. مدير تحرير مجلة الثقافة. في رصيده نتاجات مسرحية ومجموعات قصصية وروايات، ولا سيما «فيلسوف الكرنتينا» التي أُدرجَت في القائمة الطويلة لجائزة البوكر في دورتها الأولى عام 2007. «أرض المؤامرات السعيدة» هي روايته الأولى عن دار «نوفل».

للكاتب وجدي الأهدل أعمال مترجمة، من بينها: رواية «قوارب جبلية» التي ترجمت إلى الفرنسية، وصدرت في طبعتها الثانية عن دار رياض الريس في بيروت وجاء على غلافها: «سيتذكره القراء العرب جيداً من الآن فصاعداً، ويختبرون أسلوبه الساحر المؤلف من ذكاء لماح وسعة أفق وانحياز إلى الإنسان المعذب والمتألم، في صبوة ربما لا تملكها سوى فطرة يمنية تتكئ على أرستقراطية الحضارة».

كذلك ترجمت «بلاد بلا سماء» إلى الإنكليزية والروسية، و«حمار بين الأغاني» إلى الإيطالية، وإلى الإنكليزية أيضاً ترجمت روايات: «البرتقال في الشمس: قصص قصيرة معاصرة من الخليج العربي»، و«كتابة جديدة في العالم العربي»، و«أصوات عربية ناشئة: الندوة 1: قارئ ثنائي اللغة»، و«بانيبال 36: الأدب في اليمن اليوم».

وجدي الأهدل حاصل على«جائزة العفيف الثقافية» في القصة القصيرة (1997)، والمركز الأول في مهرجان الشباب العربي التاسع بالإسكندرية «النص المسرحي» (1998).

لوجدي الأهدل أيضاً مجموعات قصصية من بينها: «زهرة العابر، وصورة البطال، ورطانة الزمن المقماق، وحرب لم يعلم بوقوعها أحد». وسيناريو فيلمين سينمائيين: «الأغنية المسحورة» و«الشاعر»، ومسرحية بعنوان «السقوط من شرفة العالم».