سورية... الحلول مستبعدة!
غير معروف علامَ اعتمد المندوب الروسي في الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، عندما قال إن النظام السوري بات يسيطر على ستة وتسعين في المئة من الأراضي السورية، والمثل يقول: "شو عرفك أنها كذبة؟! قال: من كبرها"، فالمعروف أن مناطق سورية الشرقية كلها، بما فيها مدن الحسكة والقامشلي والرقة، وامتداداً حتى معبر إبراهيم على نهر الخابور، حيث تتلاقى الحدود العراقية والتركية والسورية، لا تزال خارج سيطرة هذا النظام، وفوقها منطقة إدلب كلها، وأجزاء من أرياف حماة وحلب وصحراء بادية الشام، التي لا تزال تسيطر عليها مجموعات من تنظيم داعش الإرهابي.ويقيناً أنه بالإمكان اعتبار ما قاله المندوب الروسي في الأمم المتحدة مجرد أمنيات ومجرد أحلام يقظة، فالقضية السورية لا تزال معقدة وصعبة الحل، فهذا البلد أصبح ساحة صراع دولي من المستبعد جداً أن تكون نهايته قريبة، ثم المفترض أن الروس يعرفون أنه لا تزال كل الحلول مستبعدة، وأنه لا هدوء ما لم يكن هناك حل سياسي، وفقاً للقرار الدولي رقم 2254 و"جنيف1" والمرحلة الانتقالية، التي يجب أن تقود البلاد خلالها حكومة وحدة وطنية.
إنه لا شك إطلاقاً أن الروس قد تفوقوا بالنسبة إلى الصراع في سورية على الأميركيين وعلى الأتراك وعلى الغرب كله. لكن، ومع ذلك فإن الواضح أن نهاية هذه الأزمة لا تزال بعيدة، فتبادل عضّ الأصابع بين أميركا وروسيا لا يزال في ذروته، ولعل ما زاد التعقيدات القديمة تعقيدات جديدة هو إصرار الولايات المتحدة، ومعها أطراف كثيرة على إخراج إيران من هذا البلد عسكرياً وميليشياوياً وسياسياً واقتصادياً.لقد نجح الروس فعلاً في استخدام اتفاقات وقف إطلاق النار المحلية في عزل المعارضة وإضعافها، وتمكين نظام الأسد من التقاط أنفاسه وإعادة تنظيم قواته والقيام بهجوم معاكس، لكن هذا لا يعني أن هذه الأزمة قد انتهت، إذْ إن هناك عوامل كثيرة لا تزال فاعلة في هذا الصراع، وتجعل من غير الممكن إعادة الأمور إلى ما كانت عليه في مارس 2011، فهناك أكثر من أربعة ملايين سوري ما زالوا في الخارج كلاجئين، ثم هناك اللغم الكبير الذي هو أن يصبح المهزومون هم الأكثرية السنية، وأن يصبح المنتصرون هم تحالف الأقليات المذهبية والإثنية بقيادة الطائفة العلوية... إن هذا غير ممكن على الإطلاق، وإنه لا حل بدون حل سياسي، وفقاً للقرار الدولي رقم 2254 و"جنيف1" والمرحلة الانتقالية.هكذا، وبالإضافة إلى هذا كله؛ فإن الواضح أن حسم موضوع إدلب سيستغرق وقتاً طويلاً، وأن الصراع في شرقي سورية سيؤدي إلى استثارة "الدبابير" الكردية، وأن النيران المتأججة في هذا البلد العربي ستنتقل إلى تركيا، التي يعرف رئيسها رجب طيب إردوغان أنه جالس فوق فوهة بركان، وأن المتوقع أن هذا البركان سيستيقظ في أي لحظة. كل هذا، بالإضافة إلى أن الروس والأميركيين ينهمكون في تحضير الخنادق المتقابلة، وأنه غير مستبعد أنْ تتحول هذه المواجهة السياسية إلى مواجهة عسكرية.