بعد أن قضينا إجازة العيد مع الأولاد في أميركا هناك العديد من الأسئلة تلح على خاطري، منها: كيف وصل هذا الشخص المدعو «ترامب» إلى سدة الحكم لأكبر قوة اقتصادية وسياسية في العالم؟ وكيف استطاع أن يمحو كل السخافات التي قام بها وأن يفوز بالمنصب؟ وهل نحن العرب نقرأ دائماً بشكل خطأ ولا ندرك الأمور إلا بعد فوات الأوان؟ وهل لدينا قصور في دراسة ومعرفة كيف تسير الأمور في أنحاء المعمورة؟ وهل تغيب عنا دراستهم وفهمهم، على عكس دراستهم وفهمهم العميق لنا أحيانا؟ وبالعودة الى ترامب هل كان للظهير الصهيوني دور في وصوله إلى البيت الأبيض؟ وهل جاء ليؤدي دوراً معيناً في فترة وجيزة ثم يتم الاستغناء عن خدماته؛ أم أن للأحداث رأياً آخر؟!في الأسابيع الأولى من هذا الشهر انقلبت الدنيا ولم تقعد بعد في الولايات المتحدة الأميركية، بعد أن انقلب محامي ترامب السابق عليه، وأبدى استعداده تقديم الشهادة ضده، واعتراف المحامي بأنه دفع رشا لممثلتين إباحيتين، نظير سكوتهما عن علاقة جمعتهما سابقاً مع ترامب، والقضية في بلد الحرية، ليست في العلاقة مع هاتين المرأتين، إنما في الكذب، وتجاوز القواعد في تمويل الحملات الانتخابية، وغيرها من التهم التي تتعلق بالنظم الأميركية أكثر من علاقتها بالأمور الجنسية، فالوضع هناك يُقرأ من زوايا مختلفة.
ويبدو تأثر ترامب كثيراً بالأحداث والتغيرات السياسية التي تحدث، بعد ظهوره الإعلامي الأول، وهو يهدد ويتوعد الشعب الأميركي في حال عزله، ويقول «كيف لكم أن تقوموا بمحاولة عزل شخص يقوم بكل هذه الأعمال العظيمة، إذا تم عزلي فسيكون هناك انهيار اقتصادي وسيجوع الناس». ببساطة شديدة تحول ترامب الى مقولة «إما أنا أو الفوضى» التي كثيراً ما سمعناها في موجات التحرر في الربيع العربي؛ وبغض النظر عن اتفاقك أو اختلافك مع هذه الموجات؛ يمكنك أن ترى بوضوح كيف تعامل الكثير من المسؤولين في المنطقة العربية بشكل غير صحيح مع تلك الموجات والمراحل التي سبقت وتلت هذه الثورات؛ ولكن يبدو أن ترامب لم يفهم ويعِ الدرس، ويعد ويكرر الجمل والكلمات نفسها، ويهدد الشعب الأميركي بصيغ عنيفة ومتعددة.وأنا أتأمل الموقف، قفز إلى خاطري فكرة انتهاء الدور الذي جاء من أجله ترامب، فهو لم يفِ بالكثير من وعوده، وظهر كالأطفال في الكثير من المناسبات والصراعات الدبلوماسية، وغيرها من المواقف التي لسنا بمعرض الحديث عنها؛ لكن من الأمور القليلة التي أوفى بها وعده للحليف الصهيوني بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، وهو دور كبير إذا ما قورن بخوف من سبقه من الرؤساء للقيام بهذه العملية، ومن ثم لم يكن على إسرائيل إلا أن توصل شخصا متهورا غير حكيم إلى سدة الحكم، لينفذ لها حلمها التاريخي باتخاذ القدس عاصمة لإسرائيل– رغم معارضة معظم دول العالم- ثم عندما ينتهي الدور يحين الوقت للتخلص منه والقضاء عليه، ولا عاقبة للمتهورين والأغبياء.هذه الفكرة تحمل جرثومتي الخطأ والصواب في الوقت نفسه، لكنها أيضا توضح سياسة الكيان الصيهوني في التعامل مع الأمر، خصوصاً في رد أحد المسؤولين الصهاينة على ترامب منذ أيام في أنه لم يقدم جديداً لإسرائيل بنقل السفارة إلى القدس، فهذا «حقها الطبيعي والتاريخي»، وكأن ترامب لم يفعل شيئاً ولم يهدد ويتوعد ويقف أمام العديد من القوى العالمية في سبيل تحقيق ذلك، فهل انتهى دور ترامب؛ وهل كل شخص مهما كبر أو صغر مرسوم له دور وينتهي؟ إذاً من يمسك بخيوط اللعبة؟!الأيام القادمة ستحمل الإجابة بالطبع عن هذا السؤال؛ لكن الأيام السابقة أعطت كل الأدلة على حكمة قائد الإنسانية الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وقيادته وخبرته في قراءته للأمور السياسية للمنطقة، وقدرته على تحويل دفة القيادة في الكويت والمنطقة والنجاة من الأعاصير، والبدء بمرحلة التعاون مع التنين الصيني، فهل نكون على قدر المسؤولية التي ألقاها سمو الأمير على عاتقنا؟ هذا هو السؤال القادم في المقال القادم، وكل عام وأنتم بخير.
مقالات - اضافات
أرجوحة: هل انتهى دور ترامب؟
31-08-2018