الحاجة إلى الدروس الخصوصية
بات كثير من أولياء الأمور في الكويت يعتمدون على الدروس الخصوصية اعتمادا كبيرا، وهذا الانتشار الكثيف يؤشر إلى أين وصل تدني مستوى التعليم في المدارس الحكومية ثم بدرجة أقل في المدارس الخاصة!أليست تلك هي الحقيقة؟ ألم يتخل الطالب عن الاعتماد على نفسه، وهو ما نلاحظه لدى جميع طلابنا منذ الصف الأول الابتدائي وحتى المراحل العالية الجامعية، بعدم استغنائهم عن المعلم الخصوصي في المنزل أو خارجه كما هو منتشر حالياً، إذ يتجمعون مثلاً في مقهى حول المعلم الخاص لاستقبال المادة العلمية منه مقابل مبلغ معين يليق بأتعابه وجهده ووقته.في السابق كان آباؤنا يعتمدون على أنفسهم وكل شخص وفق مجهوده الفردي وقدراته، فلم يكونوا بحاجة إلى المعلم الخصوصي إلا في أوقات ملحة نادرة، وذلك في المراحل والمواد العلمية المتقدمة والصعبة كالفيزياء والرياضيات... أما الآن فوصل الأمر إلى مرحلة إحضار معلم ودفع مبالغ كبيرة له لكي يقوم بمساعدة الطالب في حل الواجبات اليومية البسيطة، لعجز الأم أو عدم إقدامها على مساعدة أبنائها، لكن إذا كان المعلم الخصوصي هو من يحل للتلميذ فكيف يحقق الطالب الاستفادة؟ وأين ولي الأمر، ولاسيما في المراحل الأولى من أعمار أطفالها؟
كذلك كان التلاميذ في السابق يستعينون أسبوعيا بالمكتبة العامة لاستخراج المعلومات وعمل البحوث وحل بعض الواجبات التي تحتاج إلى استعانة بالكتب، وكم كان أمراً ممتعاً مسلياً ومفيداً حينما كنا نقضي ساعات في المكتبة العامة بصمت تام لعدم إزعاج الآخرين للاستفادة والقراءة وحل المطلوب، أما الآن فبات كل ما يحتاجه الطالب يتحقق بمجرد نقرة على شاشة الكمبيوتر أو الهاتف الذكي، لتأتيه المعلومات على طبق من ذهب... فكم تطور هذا الزمان، حتى أن جميع الواجبات باتت محلولة والاختبارات والبحوث جاهزة، ولا تحتاج إلا إلى مجرد تغيير بسيط لينتهي الموضوع.كان الوالدان في السابق أكثر حرصاً واهتماماً بالأبناء ومتابعتهم في الدراسة، وحتى لو لم يكونا متعلمين، إذ كانا يوفران لهم الراحة والجو المناسب للدراسة، بعكس أكثر أمهات وآباء هذه الأيام الذين باتوا في غفلة عن متابعة الأبناء، وأحياناً لا تعلم الأم شيئا عن أبنائها، لانشغالها بأمورها وحياتها وجمالها وذهابها وإيابها خارج البلاد تاركة هؤلاء الصغار... بحجة المعلم الخصوصي المتوفر الذي بات حضوره شبه يومي، وأحياناً تكون النتائج مرضية وأحياناً أخرى لا يوجد حتى نتيجة بل رسوب.على الوالدين أن يعلما أن المعلم الخصوصي ليس الحل المثالي للنجاح والتعلم، بل يحتاج المتعلم إلى التركيز في الفصل الدراسي، مع الاعتماد على التعلم الذاتي لتدريبه على الاعتماد على النفس، وحتى لو كان هنالك إخفاق فبالتكرار يتعلم الصغار والكبار، كما أن بعد الرسوب نجاحا، والكثير من العلماء في بادئ الأمر أخفقوا في التعلم، لكن مع الاستفادة من الخطأ والإعادة والرسوب أصبح هناك تقدم ونجاح وتفوق.لاشك أن هنالك الكثير من المعلمين والمعلمات الأكفاء في القطاعين الحكومي والخاص، إلا أن المشكلة الأساسية تكمن في المناهج الدراسية منذ فترة طويلة وعدم تطورها إلى الأفضل، وهذه قضية أزلية للأسف، فمنهج التعليم والمتعلمين هو أساس تقدم أي دولة.وفي الختام أفضل نصيحة تقدم إلى أولياء الأمور هي تعليم أبنائهم الطلبة كيفية الدراسة والتعلم الذاتي والاعتماد على النفس، في الدراسة والبحث والتطور، مع توفير الجو الملائم لهم والمراقبة والتفاعل معهم في هذه الأجواء الدراسية... وفق الله أبناءنا جميعاً، وكل عام وأنتم بخير.