في كل عام، يتمحور «مهرجان جبلنا» حول هدف بيئي واجتماعي وتراثي وفني، على سبيل المثال: «اليوم الوطني للعسل، ويوم نبتة الروبينيا، والنباتات الحرجية، ومهرجان طيور من لبنان، والعافية بالنباتات العطرية...»، ويشكل فرصة للسكان المحليين والمنتجين الصغار لعرض منتوجاتهم وبيعها وتشجيعهم على المتابعة بمهنهم الصغيرة للثبات في قراهم.

في عام 2015، تمحور المهرجان حول الدبكة اللبنانية التي تعتبر من صلب التراث والفولكلور اللبنانيين، فحقق هذا الحدث الذي نظم برعاية وزارة التربية والتعليم العالي نجاحاً كبيراً دفع القيمين عليه إلى تكرار التجربة عام 2016 برعاية وزارة الثقافة، وفي 2017 وهذا العام.

Ad

تشارك في اليوم الوطني للدبكة فرق من المناطق اللبنانية، وتتبارى على تقديم أجمل العروض إزاء لجنة مؤلفة من نخبة من وجوه الفن والرقص، وتتخلله مسابقة أجمل أداء مرتجل.

حماية الفولكلور

حول تفاصيل اليوم الوطني للدبكة توضح رئيسة جمعية «جبلنا» يولا نجيم: «يتضمن برنامج هذا اليوم محطات عدة تندرج جميعها ضمن التعرف إلى التراث اللبناني وتتوجه بشكل خاص إلى جيل الشباب بهدف تقريبه منه، من بينها: مباراة الدبكة اللبنانية، وحفلة موسيقية تراثية، وورشة عمل حول الدبكة اللبنانية يعلم فيها أساتذة اختصاصيون الكبار والصغار على السواء خطوات الدبكة الأساسية. سوق المونة، وسوق الحرفيين، وزيارة محمية أرز الشوف».

تضيف: «لا بد في هذا السياق من شكر لجنة التحكيم التي ترافقنا منذ أطلقنا هذا النشاط التراثي المهم والمؤلفة من: بابو لحود، وكارلا بطرس، وعلي حليحل، ومازن كيوان، وربيع نحاس، ومجدي ذبيان».

تتابع: «الهدف من تنظيم مسابقة الدبكة اللبنانية ليس اختيار أفضل فرقة فحسب، بل حثّ الفرق اللبنانية على تطوير هذا الفن والحفاظ عليه وحمايته من الاندثار، وتشجيع الشباب على الانخراط في فرق الدبكة نظراً إلى المعنى الذي تحمله هذه الرقصة الفولكلورية في أبعاده الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية. ولا شك في أننا نلاحظ، عاماً بعد آخر، أن الشباب يبدون حماسة للدبكة ويودون التعرف أكثر إلى تراثهم، واللافت أن الدبكة عادت لتتصدر الحفلات والمناسبات في لبنان من أعراس وغيرها، وثمة اندفاعة كبيرة لتعلمها، من هنا حرصنا على تنظيم «اليوم الوطني للدبكة» سنوياً وفي التاريخ نفسه، أي في موسم حصاد المونة اللبنانية.

العونة والدلعونا

حول تاريخ الدبكة اللبنانية تشير: «تعود جذور الدبكة اللبنانية إلى الحضارة الفنيقية، إذ كان الفنيقيون معلمي هذا الفن الأوائل. وفقاً للتقاليد الشعبية، نشأت الدبكة في بلاد الشام حيث كانت المنازل تبنى من الحجر مع سقف خشبي يعلوه الطين، وكان لا بد من الضغط على هذا السقف ليلتحم بالخشب، لذا كان الرجال يمسكون بأيدي بعضهم البعض ويعقدون حلقات على سطح المنزل ويضربونه بأقدامهم، وكانون يطلقون على هذا الحدث تسمية «العونة» أو التعاون أو المساعدة، ومن هنا انطلقت أغنية الدلعونا أي لنذهب ونساعد».

وتلفت إلى وجود أكثر من 20 نوعاً من الدبكة من بينها: الشمالية، والشعراويّة، والكرادية، والفرح، والغزل، والعادية، والدلعونا، والعسكرية، وواحد ونص... وترافق الدبكة آلات موسيقية من بينها: المجوز، والطبلة، والدف أو الرق.

مهام وأهداف

حول تأسيس جمعية «جبلن» قالت يولا نجيم: إنه «في عام 2001، بعد المصالحة السياسية في منطقة الشوف بين المسيحيين والدروز، وبدعم من شارل نجيم، وأصدقاء ومنظمات غير حكومية فرنسية، نظمنا في قرية معاصر الشوف، ورشة العمل البيئية الأولى للأطفال حول الطبيعة والبستنة، شارك فيها أكثر من 300 طفل من الدروز والمسيحيين. بعد أسبوع من التعاون، نشأ رابط حقيقي بينهم وشكل أساساً لمزيد من توحيد الطائفتين. بعد نجاح هذه التجربة، تابعنا تنظيم ورش العمل لمدة ثلاث سنوات متتالية، بهدف صناعة ذاكرة مشتركة لهؤلاء الأطفال ومساعدتهم على سد الفجوة الاجتماعية التي ورثوها».

تضيف: «لتعزيز هذا الشعور الجديد في المجتمع، كان من الضروري إيجاد مشروع اقتصادي مشترك طويل الأجل. في ذلك الوقت، كانت السياحة شبه معدومة وكان الشوف معزولاً، فبدأت جمعية جبلنا العمل على إيجاد سبل لإحياء اقتصاد القرية في البداية، ثم المنطقة».

تتابع: «لما كانت الزراعة تشكِّل المصدر الرئيس للدخل في المنطقة، فقررنا عام 2006 تنظيم مهرجان جبلنا. تعاونا مع البلديات في المنطقة، ووجهنا دعوة إلى صغار المنتجين، وكان المهرجان فرصة وحيدة لتوفير سوق لبيع منتجاتهم الطبيعية. بالإضافة إلى سوق المونة والحرف اليدوية، قدَّم المهرجان أنشطة سياحية بيئية، وكان الأول من نوعه فألهم بلديات أخرى في أنحاء لبنان لتنظيم مهرجانات مماثلة».

تختم: «في عام 2013، نظمت جمعية جبلنا بالتعاون مع الجيش اللبناني ومحمية أرز الشوف رحلة في الطبيعة بعنوان «مشوار مع مغوار» شارك فيها عسكريون ومدنيون على السواء وفي عام 2017، سار أكثر من 10 آلاف مشارك 20 كم وسط مناظر طبيعية جميلة لغابة الأرز».