أعدّ الخبراء العسكريّون والاستخباريّون الأميركيّون بنك أهدافٍ أوّلياً لمنشآت تتبع النظام السوري لتدميرها، في حال أمر الرئيس دونالد ترامب بشنّ جولة جديدة من الغارات رداً على الاستخدام المحتمل للسلاح الكيماوي في معركة إدلب المرتقبة، بحسب شبكة "سي إن إن".

ورغم أنّ قرار توجيه الضربة لم يُتّخذ بعد، فإن مسؤولاً في الإدارة الأميركيّة "على اطلاع بالأوضاع العسكرية في سورية"، أبلغ "سي إن إن" بأن الجيش الأميركي من المحتمل أن "يستجيب بشكل سريع جداً" إن شنّ النظام السوري هجوماً كيماوياً، وسيمنح بنك الأهداف الأولي المعدّ "البنتاغون" نقطة انطلاق قوّية في حال طلب ترامب التحرّك عسكرياً.

Ad

وشدّد المسؤولون الأميركيون، لـ"سي إن إن"، على أنهم قلقون من أن هجوم نظام الأسد الوشيك على إدلب، قد يتضمّن استخدام الأسلحة الكيماوية، في حال تمكّنت المعارضة من التصدّي له. وأضاف المسؤولون أنّ النظام قام بالفعل بنقل مروحيات مسلحة أقرب إلى إدلب في الأسابيع القليلة الماضية، وتشعر الولايات المتحدة بالقلق من إمكانية استخدامها لشن هجوم كيماوي آخر باستخدام قنابل برميلية مملوءة بالكلور، على الرغم من أنها متاحة بسهولة لهجوم تقليدي، كما يخشى المسؤولون الأميركيون أن يؤدّي أي هجوم على إدلب، حتى لو كان باستخدام أسلحة تقليديّة، إلى سقوط آلاف الضحايا، ما سيعمّق الأزمة الإنسانيّة على الحدود التركية.

توتّر دبلوماسي

وتصاعدت التوتّرات الدبلوماسيّة بسبب إدلب، إذ حذّر وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو على "تويتر" من أنّ واشنطن "تعتبر الهجوم المحتمل تصعيداً لصراعٍ خطير بالفعل"، وذلك بعد يومٍ واحد من تحذير نظيره الروسي سيرغي لافروف، الدول الغربية من "اللعب بالنار".

والأسبوع الماضي، ذكّرت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بخطها الأحمر، بعدما نفّذت معاً، في منتصف أبريل ضربات على منشآت سورية رداً على هجوم بغاز السارين في الغوطة الشرقية.

زيارة جيفري

في هذه الأثناء، بدأ ممثل الولايات المتحدة بشأن سورية جيمس جيفري أمس، أول جولة له في المنطقة تمتد 4 أيام وتشمل إسرائيل والأردن وتركيا، بمشاركة نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط والمبعوث الخاص جويل رايبورن.

ووفق الخارجية الأميركية، فإن المسؤولين الأميركيين "سيؤكدان للأردن وتركيا أن الولايات المتحدة سترد على أي هجوم بالأسلحة الكيماوية ينفذه النظام السوري وأن هجوم إدلب سيصعد من الأزمة وسيخاطر بحيات المدنيين وسيدمر البنية التحتية المدنية"، موضحة أنه سيجتمع في إسرائيل مع كبار المسؤولين "لمناقشة المصالح المشتركة وخصوصاً الوضع في سورية والحفاظ على أمن إسرائيل ومواجهة نشاط إيران المزعزع للاستقرار في جميع أنحاء المنطقة".

مناورات بحرية

ومع اقتراب الغواصة النووية "نيوبورت نيوز" من الانضمام إلى المجموعة البحرية الأميركية، تحسباً لرد محتمل على أي هجوم كيماوي، بدأت القوات البحرية الروسية، أمس، أولى مناوراتها في البحر المتوسط، الهادفة إلى قطع الطريق أمام خطط واشنطن لضرب مواقع الأسد ومنعها من إقامة منطقة حظر جوي فوق سورية، بحسب وكالة "سبوتنيك" الرسمية.

ووفق قائد البحرية الروسية الأميرال فلاديمير كورولوف، فإن 26 قطعة بحرية و34 طائرة ستشارك في هذه المناورات.

ونقلت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" عن مصادر عسكرية روسية أن الوحدات تدربت في بحر قزوين قبل أيام على طريقة تكتيكية جديدة أطلق عليها اسم "الجدار" لصد هجوم جوي صاروخي، موضحة أن هذه الطريقة أتاحت اكتشاف أهداف جوية تطير على ارتفاع منخفض بما فيها صواريخ "كروز" الأميركية على مسافة بعيدة.

غواصة نووية

في المقابل، دخلت الغواصة النووية الأميركية "نيوبورت نيوز" من طراز "لوس أنجلس"، المزودة بصواريخ "توماهوك"، ميناء جبل طارق، وأكدت وزارة الدفاع (البنتاغون) أنها رست في إطار "زيارة تقنية مخطط لها."

ووفق موقع "جبل طارق كرونيكل"، فإنه تم رصد الغواصة في منطقة الميناء مساء الخميس وحاول زورق الجمارك الإسبانية الاقتراب منه، لكن شرطة جبل طارق اعترضته.

وفي وقت سابق، اتهمت وزارة الدفاع الروسية واشنطن بالتخطيط لاتهام دمشق باستخدام الأسلحة الكيماوية في إدلب لاستخدام هذا الاستفزاز ذريعة لضربها، مشيراً إلى إرسالها المدمرة "سوليفان" المزودة بـ 56 صاروخ كروز قبل أيام للخليج ونشر قاذفات "بي-1بي" في قاعدة العديد.

رد سوري

وفي دمشق، أكد نائب وزير الخارجية فيصل المقداد أن النظام مصمم على إنهاء وجود التنظيمات الإرهابية في محافظة إدلب، مؤكداً أنها هي من تستخدم السلاح الكيماوي في عملياتها لكن التضليل الإعلامي للولايات المتحدة والدول الغربية وأدواتها في المنطقة حرف القضية.

وشدد المقداد، في مقابلة مع الفضائية السورية، أمس الأول، على أن القوى الغربية إذ ارتكبت أي حماقة، فإن دمشق سترد عليها ولن تخنع أو تخضع لأي تهديدات وستمارس حقها في الدفاع عن النفس.

مواجهة تركيا

وفي مقابلة مع قناة "روسيا اليوم"، أكد وزير الخارجية وليد المعلم أن دمشق لا تتطلع لمواجهة مع تركيا، لكن عليها أن تفهم أن إدلب مدينة سورية والرئيس بشار الأسد أكد على أولوية تحريرها سواء بالمصالحات أو بالعمل العسكري.

ولفت المعلم إلى أن دمشق لمست تغييراً في الموقف السعودي ظهر في اللقاء بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ونظيره عادل الجبير، وهذا أمر مرحب به.

«لواء القدس»

وعلى الأرض، بدأ "لواء القدس" الفلسطيني المساند لقوات الأسد عملية عسكرية للسيطرة على البادية السورية من جهة ريف حمص الشرقي.

ونشر اللواء تسجيلاً مصوراً لتوجه قواته إلى ريف حمص الشرقي للسيطرة عليه بشكل كامل من يد تنظيم "داعش"، الذي لا يزال ينشط في المنطقة بعمليات كر وفر ويتحصن في جيب يمتد بين محافظتي حمص ودير الزور، من أطراف منطقة السخنة حتى حدود مدينتي البوكمال والميادين في دير الزور.

«النصرة» تواجه التصفية في إدلب

طالما شكلت "هيئة تحرير الشام"، التي صنفتها تركيا، أمس الأول، منظمة إرهابية، ملفاً شائكاً في النزاع السوري، وها هي اليوم توشك أن تكون عرضة للتصفية في هجوم تحشد له منذ أسابيع قوات الرئيس بشار الأسد وحلفاؤها من إيران ولبنان وإسناد روسي عند معقلها الأخير في إدلب.

وتُسيطر "جبهة النصرة" سابقاً قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، على الجزء الأكبر من محافظة إدلب، وتُعد خصم دمشق الأساسي فيها، وتضم في صفوفها حالياً نحو 25 ألف مقاتل.

وفي يناير 2012، ظهرت الجبهة، وشكلت في بداياتها امتداداً لدولة العراق الإسلامية، فرع تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين.

وفي أبريل 2013، رفضت الاندماج مع تنظيم "داعش" وبايعت زعيم القاعدة أيمن الظواهري، الذي أعلنها في نوفمبر من العام ذاته ممثلاً وحيداً للتنظيم في سورية.

وأعلن زعيمها السوري أبو محمد الجولاني في يوليو 2014 طموحه لتشكيل "إمارة إسلامية" مماثلة "للخلافة" التي أعلنها "داعش" في ذلك الحين.

وسرعان ما صنفتها واشنطن والدول الغربية منظمة "إرهابية".

قاتلت "النصرة" "داعش" وتعاونت في المقابل مع فصائل معارضة بينها إسلامية لقتال قوات النظام. ومنذ عام 2012، تمكنت إلى جانب الفصائل من التقدم والسيطرة على مناطق عدة.

وفي 2015، سيطرت ضمن تحالف "جيش الفتح" مع فصائل أخرى على كامل محافظة إدلب. ونتيجة ضغوط داخلية، أعلن الجولاني في يوليو 2016 فك ارتباط الجبهة مع "القاعدة" وتغيير اسمها إلى "فتح الشام".

وما هي إلا أشهر حتى أعلنت في يناير 2017 وإثر اقتتال داخلي في إدلب، اندماجها مع فصائل أخرى في "هيئة تحرير الشام"، وتولى قيادتها العامة الجولاني أيضاً.