الحزب الجمهوري حزب ترامب الفاسد
يتعرض أحد أسس ديمقراطيتنا الرئيسة لاعتداء فادح في الوقت الراهن، فقد وعد ترامب خلال ترشحه أنه سيصلح الحكومة الفدرالية في واشنطن، لكن الخبر الفاضح عن بول مانافورت ومايكل كوهين يبرهن أن الأوساط المقربة من ترامب وقيادة حملته كانتا منذ البداية مليئتين بالمجرمين.لا عجب في أن أزمة الثقة هذه تفاقمت في عهد ترامب، لنتأمل في عينة صغيرة من الأعمال المريبة وغير النزيهة التي قام بها حلفاء ترامب منذ وصوله إلى البيت الأبيض: اعتُقل أخيراً النائب كريس كولنز، أول عضو في الكونغرس يؤيد ترشح ترامب للرئاسة، بتُهمة تنفيذه عملية تداول من الداخل فيما كان عضواً في مجلس إدارة شركة أدوية أجنبية، كذلك وُجهت إلى النائب دانكن هانتر من كاليفورنيا، ثاني عضو في الكونغرس يؤيد ترشح ترامب، قبل أيام تهمة استعمال أموال الحملة بطريقة غير مشروعة بهدف الإثراء الشخصي.بالإضافة إلى ذلك، استقال توم برايس من وزارة الخدمات الصحية والإنسانية بعدما أنفق 400 ألف دولار من الأموال الفدرالية على السفر بطائرة خاصة، كذلك تنحى سكوت برويت من منصبه كمدير لوكالة حماية البيئة بعد مواجهته لائحة كبيرة من الانتهاكات، واعترف أيضاً ميك مولفاني، مدير مكتب الإدارة والموازنة، أنه خلال خدمته في الكونغرس لم يلتقِ مجموعات الضغط إلا بعدما قدمت تبرعات.
رغم ذلك، لا يُعتبر سوء استعمال أموال دافعي الضرائب السبب الوحيد لتراجع الإيمان بالمؤسسات السياسية، ويدرك الأميركيون أن نظام واشنطن المدمر من الخدمات المتبادلة يُنتج سياسات تلحق الأذى بعائلات الطبقة الوسطى العاملة، ويعون أن مسؤولينا المنتخبين خاضعون لسلطة متبرعيهم الفاسدة، وأنهم يمنحون الأولوية لمصالح الـ1% العليا، واضعين قوانين تعود بالفائدة خصوصاً على المتبرعين أنفسهم.تعكس اقتطاعات الحزب الجمهوري الضريبية الأخيرة بوضوح أسباب اعتبار هذه المخاوف مبررة بالكامل، حتى عندما يواجه الجمهوريون صعوبة في الترويج لإنجازهم التشريعي الأبرز يحصدون فوائد كبيرة من القانون بجمعهم الملايين من المتبرعين الأثرياء والشركات الذين تلقوا هباتهم الضخمة.من الجلي أن الشعب سئم الوضع القائم في واشنطن، وقد بدأ هذا الغضب يبدل سياساتنا. نرى في حملات كثيرة أن شغل منصب في الكونغرس يشكّل عائقاً لا مساعدة. نتيجة لذلك، يجب أن تحتل الإصلاحات السياسية الجريئة محور برنامج الحزب الديمقراطي مع مضيه قدماً، ومن حسن الحظ أن ثمة ثلاث خطوات حقيقية تستطيع حكومتنا اتخاذها لتكبح إلى حد كبير التأثير الخطير للمتبرعين ومصالح الخاصة:أولاً، يجب منع مجموعات الضغط من جمع التبرعات لأعضاء الكونغرس، فهذه الخطوة تساهم في إنهاء سلوك «ادفع لتلعب» الذي يعتمده أمثال مولفاني، كذلك تمنع أصحاب المصالح الخاصة والمتبرعين من تأدية دور محرك الدمى عند صوغ أجندات المسؤولين المنتخبين السياسية. سبق أن أضاف ديمقراطيون في كلا المجلسين هذا الحظر إلى اقتراح شامل صُمم لتدعيم قوانين بلدنا الأخلاقية، وإصلاح نظامنا لتمويل الحملات، وتمكين الناخبين الأميركيين.ثانياً، ينبغي عدم السماح لأعضاء لجان الكونغرس بقبول مساهمات في حملاتهم من القطاعات ذاتها المكلفين بالإشراف عليها. قبل نحو أسبوعين، كان كولنز عضواً في لجنة الطاقة والتجارة التابعة لمجلس النواب، وكان مسؤولاً عن تنظيم شركات الرعاية الصحية، رغم أنه أدار، حسبما يُقال، عملية تداول من الداخل شملت مصنّع أدوية. إذاً، يمنح نظامنا الحالي شركات كثيرة فرصة استغلال تضارب المصالح المحتمل بالتبرع للسياسيين الراغبين في وضع المكاسب الشخصية قبل المصلحة العامة.ثالثاً، يلزم منع أعضاء الكونغرس من الانضمام إلى مجالس إدارة شركات تتوخى الربح، سواء أكان عملهم هذا لقاء أجر أم لا، أو امتلاك أسهم خاصة في كيانات مماثلة، وأضافت السيناتور إليزابيث وارن هذا النوع من الحظر إلى زرمة شاملة لمحاربة الفساد قدمتها قبل بضعة أيام، وستمنع قواعدها هذه أخيراً مشرعين كثراً من استغلال مناصبهم الرسمية لتحقيق مكاسب مالية.قد تشكل هذه الاقتراحات الثلاثة جزءاً من حركة جديدة للقضاء على ثقافة الفساد، التي تنتشر في واشنطن في عهد ترامب، ولاتخاذ الخطوات الأولى البالغة الأهمية نحو تعزيز قوة ديمقراطيتنا مجدداً. يطالب الناخبون بأن يفكك الكونغرس سيطرة المصالح الخاصة على الكثير من المسؤولين المنتخبين وبأن يضع السلطة مجدداً بين يدي الشعب، وقد آن الأوان ليلبي القادة الأميركيون هذا المطلب.* « نيرا تاندن»