بعد حملة شرسة انتهت بتراشق بين السلطة والمعارضة، أدلى الناخبون في موريتانيا، أمس، بأصواتهم في انتخابات تشريعية وجهوية ومحلية، تشكل اختباراً لنظام الرئيس محمد ولد عبدالعزيز قبل أقل من سنة من الاستحقاق الرئاسي.وغداة التصويت المسبق للعسكريين، فتح نحو 4000 مركز اقتراع الأبواب أمام أكثر من مليون وأربعمئة ألف ناخب في الساعة السابعة بالتوقيتين المحلي وغرينيتش، وأغلقت في السابعة مساء في كل أنحاء البلد المترامي في غرب إفريقيا، والمشارك إلى جانب حلفائه الإقليميين والمجموعة الدولية في التصدي للحركة الجهادية في منطقة الساحل.
وخلافاً للانتخابات التشريعية السابقة في 2013، قررت المعارضة هذه المرة المشاركة، بما في ذلك عبر مكوناتها "المتطرفة"، وأبرزها منتدى الديمقراطية والوحدة وحزب تكتل القوى الديمقراطية، في الانتخابات، لترفع إلى 98 عدد الأحزاب السياسية المتنافسة في هذه الدورة الأولى، التي ستعرف نتائجها الأولية مطلع الأسبوع المقبل. وإذا أجريت دورة ثانية، فستكون في 15 سبتمبر.ويختار الناخبون 157 نائباً بالبرلمان وأعضاء 219 مجلساً بلدياً وأعضاء 13 مجلساً جهوياً تم استحداثها بموجب تعديل دستوري أجري العام الماضي.وبينما دأب المعارضون والمنظمات غير الحكومية على التنديد بالتعرض لحقوق الإنسان، انتهت الحملة الانتخابية مساء الخميس بحملات حادة بين الحكم والمعارضة.وأكد الرئيس ولد عبدالعزيز أن موريتانيا "في خطر" بسبب معارضة مقسومة، وكذلك بين "إسلاميين خطيرين ومتطرفين عنصريين ورواسب الأنظمة القديمة الذين دفعوا البلاد إلى الركوع".وقال لأنصاره: "يتعين علينا إبقاؤهم بعيدين عن شؤون البلد من خلال التصويت بكثافة" للحزب الرئاسي، موضحاً أن الإسلاميين "لا ينتظرون سوى فشلهم السياسي لحمل السلاح".ورد المسؤول في حزب "تواصل" الإسلامي جميل ولد منصور، بأن "عزيز هو الذي حمل السلاح ضد نظام منتخب واغتال الديمقراطية"، في وقت أكد مسؤول آخر في المعارضة هو محمد ولد مولود، أن "نظام" الجنرال السابق الذي وصل إلى الحكم، عبر انقلاب في 2008 قبل أن ينتخب في 2009 ويعاد انتخابه في 2014، بلغ "مرحلة اليأس" واتهمه "بالتحرك نحو الاحتيال الجماعي".وتشكل هذه الانتخابات اختباراً قبل أقل من سنة على الانتخابات الرئاسية في منتصف 2019. ورغم تعهده مراراً بألا يحاول تعديل تحديد الولايات الرئاسية باثنتين، لم ينجح رئيس الدولة في تبديد شكوك المعارضة التي غذتها التصريحات العامة لوزرائه وأنصاره.وانتقدت منظمة العفو الدولية في الفترة الأخيرة "توقيف واعتقال" معارضين وناشطين ضد العبودية، معتبرة أنها "أسوأ مؤشرات الترهيب والمضايقة والقمع من قبل السلطات للأصوات المعارضة المنشقة" مع اقتراب هذه الانتخابات.ودعا الاتحاد من أجل الجمهورية، الفائز الكبير في الانتخابات التشريعية الأخيرة في 2013، التي قاطعتها المعارضة المتطرفة بأكملها تقريباً، إلى إعادة النظر في دستور 2017 الذي ألغى مجلس الشيوخ وأعطى موريتانيا نشيداً جديداً وعلماً جديداً يذكر بـ"تضحية شهداء" المقاومة للاستعمار الفرنسي الذي انتهى عام 1960.وعلى الصعيد الاقتصادي، يشدد النظام على استعادة نمو "بنسبة 3 في المئة في 2017" وعلى "مؤشر فقر بنسبة 31 في المئة في مقابل أكثر من 40 في المئة في 2008"، في بلد عدد سكانه أقل من أربعة ملايين نسمة ونسبة محو الأمية فيه لا تزال متدنية.وعلى الصعيد الدولي، أعادت نواكشوط التي استضافت في يوليو قمة للاتحاد الإفريقي، إحياء علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، بعد أن تأثرت فترة طويلة بمسألة الصحراء الغربية، ووقعت مع السنغال اتفاقات تتعلق بالصيد واستثمار حقل مهم للغاز عبر الحدود.
دوليات
موريتانيا تنتخب... ونظامها يخوض أول اختبار حقيقي
02-09-2018