يبحث الدكتور سهيل فرح في كتابه «الحضارة الروسية: المعنى والمصير» في خصوصية الحضارة الروسية بأبعادها السياسية والثقافية والأنثروبولوجية، وذلك عبر دراسة مراحل تطورها منذ بداياتها الأولى، متوقفاً عند محطات مهمة في تاريخها وتطورها، من دون أن يُغفل بالطبع القيم التي تتميَّز بها، فضلاً عن التجارب والفتوحات والانتصارات والانكسارات، والإرث المتمثل في وعي الروس لقوانين التطور في الطبيعة والمجتمع (العلم)، وفي الفهم الوجداني والسلوكي لأنماط التفكير والسلوكيات (الثقافة).

كذلك يسلط الضوء على حصيلة القواعد النفسية، والمثل والمحفزات (السلوكية النفسية، والإيديولوجية، والدين)، ويرصد طرق نقل التراث الثقافي وأشكاله من جيل إلى آخر (القيم والتعليم)، ويبحث عن نقاط القوة والضعف في الجيوبوليتك الرّوسي، ويتناول عوالم الاقتصاد والثقافة في تاريخ روسيا المعاصر. يختتم الكتاب برؤية مستقبلية تستشرف الحضور الروسي، في أوراسيا الكبرى والعالم.

Ad

تأسست جائزة بريماكوف الدولية، عام 2016 تخليدا لذكرى الدبلوماسي ووزير الخارجية ورئيس الوزراء الروسي الأسبق، يفغيني بريماكوف (2015-1929). وتُخصص لدعم الطاقات المبدعة المشاركة على نحو فاعل في تعميق حوار السلام والتعاون بين الحضارات.

نظرة تاريخية شاملة

وصفت الدكتورة إيلينا إيشبا (نائبة منسّق المجموعة الاستراتيجية: روسيا – العالم الإسلامي كتاب «الحضارة الروسية – المعنى والمصير»، بأنه يقدّم صورة شاملة ومعمّقة وحيادية عن تاريخ هذا البلد ودوره. فيما لاحظ الدكتور رجا شفيق العلي (رئيس خرّيجي الجامعات والمعاهد الروسية في لبنان) أنّ في هذا الكتاب بوحاً بأسرار الجماليات الإنسانية وكثيراً من أوجه التشابه بين الحضارتين الروسية والشرقية. واعتبر د. كميل حبيب أنّ الفيلسوف النقدي سهيل فرح سعى من خلال كتابه إلى تبيان الشخصية الروسية من وجهات نظر سوسيو ثقافية وأنثروبولوجية، وسبر أغوار منظومة القيم والإرث الثقافي والعلمي والروحي، مستعيناً بالمؤرّخ أرنولد توينبي ليدرس العلاقة التفاعلية بين الطبيعة والإنسان.

جاءت هذه الآراء خلال ندوة حول الكتاب في مركز البحوث والدراسات الاستراتيجة التابع للجيش اللبناني.

مناصب ومؤلفات

سهيل فرح دكتور في العلوم الفلسفية، وأستاذ فلسفة الحضارة في الجامعة اللبنانية، وعضو أكاديمية التعليم الروسية، والأكاديمية الروسية للعلوم الطبيعية. كذلك يرأس الجامعة المفتوحة لحوار الحضارات، وهو عضو في مجلس الرئاسة في المنتدى العالمي للثقافة، ورئيس تحرير القسم العربي لموقع المجموعة الاستراتيجية: روسيا-العالم الإسلامي. اختير عام 2001 كشخصية العام في ميدان العلوم، إذ قلده الرئيس الروسي آنذاك دميتري مدفيديف، وسام بوشكين للصداقة بين الشعوب.

للبروفسور فرح أكثر من 20 كتاباً، في أكثر من لغة بين التأليف والإعداد، يركز معظمها على قضايا حوار وشراكة الحضارات والأديان والثقافات.

من أبرز كتبه: العلمنة المعاصرة بين ديننا ودنيانا (بالعربية)، العلمانية الروحية: تجربة المسيحية والإسلام( بالروسية)، العقليتان الروسية والعربية: أسئلة الثقافة والدين (بالروسية)، روسيا والمشرق العربي: لقاء الثقافتين (بالعربية والروسية)، حوار الثقافات: تجربة روسيا والمشرق العربي (بالعربية والروسية)، التنوع الثقافي: تجربة روسيا والمشرق العربي (بالروسية والعربية)، الحضارة الروسية المعنى والمصير (بالإنكليزية)، نحو حوار عقلاني بين الأرثوذكس والمسلمين (بالإنكليزية)، حقوق الإنسان بين المقاربة العلمانية والدينية (بالفرنسية)، فلسفة العلم والظاهرة الدينية (بالروسية)، حوار الحضارات: المعنى والأفكار والتقنيات (بالروسية والعربية)...

هوية الحضارة الروسية

تقول الباحثة الروسية سيمنكوفا في تناولها هوية الحضارة الروسية: «روسيا ظهرت على ملتقى الحضارة المسيحية والحضارة الإسلامية والحضارة البوذية، وقامت على مجال هائل من الاتساع، شهد تنقّلات مجموعات شعوب رحل، وشبه رحل. بهذا المعنى هي تجمع تاريخي لتكتل من الشعوب الكثيرة، ذات توجهات حضارية مختلفة، وحّدتها دولة مركزية قوية».