يبدو أن هناك جولة جديدة من الصراع بين منظمة أوبك وبين منتجي النفط الصخري ستبدأ مع مطلع العام المقبل، وذلك بعد جولتين استطاع في واحدة منهما منتجو النفط الصخري كسب حصة في السوق العالمي، أدت إلى انهيار أسعار الخام في الأسواق، في حين عمدت دول المنظمة في الجولة الثانية الى خفض إنتاجها لتعيد التوازن الى الأسعار.

أما عن الجولة الجديدة، فهي في حسابات بعض المحللين، محاولات «أوبك» بالتضامن مع روسيا رسم خريطة طريق للخروج من اتفاق خفض الانتاج، مع الاحتفاظ بأسعار متوازنة في السوق العالمية، وهو الأمر الذي قد يشوبه بعض التعثر، بسبب تقلبات السوق التي تتسبب فيها الظروف الجيوسياسية المربكة للحسابات في بعض الأحيان.

Ad

وإذا كان الهدف من خفض الإنتاج قد ساعد في ارتفاع اسعار الخام الى ما يفوق 70 دولارا للبرميل، فإن قرار تمديد ذلك الاتفاق الذي تم اتخاذه أخيرا يهدف أيضا الى سحب باقي مخزونات الخام من الاسواق.

وبالنظر إلى أن آثار تمديد الاتفاق إلى نهاية العام الحالي لم تظهر بشكل جلى، بسبب ضعف الطلب في النصف الأول من العام نفسه، فإنه من المأمول ظهور نتائج أكثر إيجابية مع نهاية النصف الثاني من العام.

وعلى أرض الواقع، فإن بعض المراقبين يرون أن هناك رغبة شبه أكيدة من بعض الشركات الروسية في إيجاد مخرج من اتفاقية «أوبك»، رغم تصريحات وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، بأنه لا يرى تحقيق أي توازن حتى الربع الثالث أو الرابع من العام المقبل، مع إمكانية تمديد الاتفاقية مرة أخرى إلى ما بعد نهاية 2018.

ويرى البعض أن التخلي المفاجئ عن حدود الإنتاج لن يسبب تراجعاً حاداً في الأسعار هذا العام، ولكن من المؤكد حدوث ذلك في عام 2019؛ مما يعني أن الانسحاب السلس من قيود الإنتاج سيكون معقداً، فلدى بعض الدول المشاركة القدرة على زيادة الإنتاج بشكل كبير من الحقول الحالية، في حين ستحاول دول أخرى مواكبة الزيادات، وكذلك ستسير إيران في نفس الاتجاه أيضا، إذا لم تخرج عن مسارها بسبب الاضطرابات السياسية أو العقوبات.

وهنا تجب الإشارة إلى أن أسعار النفط المرتفعة اليوم تتيح لمنتجي النفط الصخري التحوط بشأن برامج الحفر، رغم ارتفاع التكاليف، ولكن الأسعار فوق 60 دولارا للبرميل توفر كلا من الأرباح والنمو لمنتجي هذا النوع من النفوط.

وهناك احتمال أن «أوبك» والمنتجين المستقلين الآخرين لا يريدون إستراتيجية للخروج من الاتفاق المبرم بين الدول الاعضاء وبعض الدول من خارج المنظمة، وإنما سيكون العمل في المرحلة المقبلة هو وضع إطار طويل الأجل لإدارة نمو الإنتاج المقيد، لأنهم لا يستطيعون تحمل هبوط أسعار آخر، أو المخاطرة بارتفاعها أو زيادة في إنتاج النفط الصخري أو تضرر الطلب أو زيادة الاهتمام بالسيارات الكهربائية، إذ إنه في حالة حدوث أى انهيار للاتفاق هذا العام أمام النفط الصخري سيكون من الصعب جداً استعادته.

وعموما، فإنه من المقرر أن تعقد لجنة مراقبة السوق المشتركة لـ «أوبك» والمنتجين من خارجها اجتماعا في الثالث والعشرين من سبتمبر الجاري بالجزائر، إذ ستعمل على مراجعة خطة مراقبة العوامل الأساسية للسوق ومستوى الالتزام حتى نهاية 2018، فضلا عن مناقشة إطار التعاون المقرر إرساؤه في عام 2019 وما بعده.