لأن التاريخ "المحرّف"، تاريخ ما قبل ثيودور هيرتزل وحركته الصهيونية، يستبد بمواقف إسرائيل وبالنظرة إلى مستقبلها في هذه المنطقة، وبخاصة في عهد هذه الحكومة المتطرفة واليمين الأرعن، الذي بات يتحكم بتوجهاتها، إنْ في الفترة الراهنة أو في المستقبل البعيد؛ فإن بنيامين نتنياهو، الذي وصفه وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري بأنه "جبان"، يبدو مرتبكاً وحائراً بالنسبة إلى مستقبل الحل السياسي المفترض في هذه المنطقة، وإلى القضية الفلسطينية التي هي أم القضايا وستبقى الفاعل الرئيسي للأحداث في الشرق الأوسط كله، رغم كل هذه الحرائق الهائلة المندلعة في العديد من الدول العربية، للأسف!يرفض بنيامين نتنياهو، مثله مثل رؤساء حكومات إسرائيل السابقين كلهم، حل الدولة الواحدة الإسرائيلية – الفلسطينية، ولعل ما زاد مخاوفه في هذا المجال أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قال في تصريح أدلى به قبل أيامٍ عدة، في هيئة نصيحة لرئيس الوزراء الإسرائيلي وللإسرائيليين كلهم، إنَّ هذا الحل، أي حل الدولة الواحدة، سيعني أن اسم رئيس الوزراء الإسرائيلي سيصبح ذات يوم قريب: "محمد"... أي أن الأكثرية هي التي ستتحكم بمصير هذه الدولة الواحدة، إنْ هي أصبحت دولة ديمقراطية تحدد سياستها الأكثرية الناخبة، التي ستكون بكل تأكيد أكثرية فلسطينية.
وأيضاً فإن بنيامين نتنياهو، ومعه اليمين المتطرف، يرفض حل الدولتين: دولة إسرائيل وإلى جانبها دولة فلسطينية مستقلة على حدود يونيو عام 1967، ومن ضمنها قطاع غزة بحدوده الحالية، وعاصمتها القدس الشرقية التي تضم المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة ومسجد عمر بن الخطاب وكنيسة القيامة وباقي ما تبقى من المقدسات الإسلامية والمسيحية.والواضح أن نتنياهو برفضه حل الدولة الواحدة وحل الدولتين، يريد أن يكون قطاع غزة هو الدولة الفلسطينية المنشودة، والحقيقة أن هذا ما هو جارٍ الآن، وأنّ "التهدئة" التي يجري الحديث عنها هي المدخل الرئيسي لهذه الدولة "الغزّية" المشؤومة، وأنه من المستبعد جداً أن يكون لهذه الدولة مطار في "إيلات"، ويكون لها مرفأ في قبرص ورصيف مائي وخط بحري يربط "القطاع" بالجزيرة القبرصية، وأن المقصود هو دويلة مشوهة تكون بديلاً لحل الدولتين وحل الدولة الواحدة.إن ما يؤكد هذا، رغم نفي (الأخ) موسى أبومرزوق ونفي غيره من قادة "حماس"، وإنْ مُواربة، أنّ دونالد ترامب الذي هو أكثر حماساً لهذه الخطوة، التي أطلق عليها اسم "صفقة القرن"، حتى من بنيامين نتنياهو قد وجّه تهديداً لمحمود عباس (أبومازن) بأنه إن لم يوافق على هذه "التهدئة" فإنه سيدفع الثمن غالياً... وبالطبع فإن الرئيس الفلسطيني لا يمكن أن يوافق على حلٍّ يكون بمثابة إنهاء للقضية الفلسطينية ولا يمكن أن يقبل به الشعب الفلسطيني، ولا يمكن أن يقبل به أي عربي يتمتع ولو بمثقال ذرة من الالتزام القومي، أو بالحد الأدنى من العروبة التي عنوانها فلسطين؛ إذْ إنه لا عروبة إطلاقاً من دون القدس الشريف والمسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، ومن دون كنيسة القيامة، وأيضاً كنيسة المهد.
أخر كلام
نتنياهو... ورعب الدولة الواحدة!
03-09-2018