بعد 4 أشهر من إجراء الانتخابات التشريعية، وفي ظل ضبابية بشأن التحالفات السياسية، افتتح الرئيس العراقي فؤاد معصوم، أمس، الجلسة الأولى للبرلمان الجديد في دورته التشريعية الرابعة بكلمة نبه فيها إلى التحديات الكبيرة، التي ستواجه العراق في المرحلة المقبلة.

وقال معصوم في كلمته إن البرلمان الجديد تقع عليه مهام جسيمة لا مناص من الاضطلاع بها بشكل مسؤول وعاجل ومثمر، معرباً عن أمله أن يتمكن النواب الجدد من تحقيق مساهمة فعلية كبيرة في إثراء الممارسة الديمقراطية وتحصين المكاسب ومعالجة النواقص، بما يضمن المزيد من القوة والعزم للبلاد.

Ad

وأعرب كذلك عن أمله أن يوفق البرلمان في اختيار حكومة جديدة كفؤة وقوية وقادرة على تحقيق برنامج حكومي تقدمي شامل يلبي مطالب الشعب وطموحاته.

ودعا إلى استمرار العلاقات المثمرة بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في البلاد وتعزيز التعاون بينها في ظل احترام صلاحيات كل مؤسسة منها، لضمان الكرامة وفرص العمل للمواطنين وإحلال السلم الأهلي والاستقرار.

من جهته، دعا رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي، في كلمته أمام البرلمان، جميع مؤسسات الدولة للتنافس لـ"إنهاء معاناة سكان المحافظات، ليشهد العراق طفرة" إلى الأمام.

ويضم البرلمان العراقي الجديد 329 نائبا انتخبوا ضمن دوائر انتخابية موزعة على المحافظات، وينتمون إلى كتل سياسية مختلفة تصدرتها كتلة "سائرون" المدعومة من رجل الدين مقتدى الصدر وحليفه رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي.

طلبان وتضارب

وشهدت الجلسة تأدية النواب لليمين الدستورية، وعقدت برئاسة النائب الأكبر سنا محمد علي زيني، 79 عاما، وحضور 297 نائباً.

وذكرت قناة "العربية" أن الجلسة شهدت لأول مرة بتاريخ البلاد تقديم طلبين لتسجيل الكتلة الأكبر من قبل "سائرون" و"الفتح".

وأعلن تحالف الصدر والعبادي، الذي أطلق عليه اسم "الإصلاح والإعمار"، في مؤتمر صحافي، أنه يشكل الكتلة الأكبر.

وقال متحدث باسم التحالف: "نحن أكثر من 20 تحالفاً سياسياً أعلنا الكتلة الأكبر داخل البرلمان"، مضيفا أنه جمع 180 نائبا لصفوفه، أي أكثر من نصف عدد النواب الذين فازوا في الانتخابات التي جرت في 12 مايو الماضي.

في المقابل، أكد تحالف "الفتح" الذي يضم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وهادي العامري المقرب من إيران، والذي أطلق عليه "تحالف البناء"، تقديم تواقيع 149 نائباً إلى رئيس السن، قبل رفع الجلسة ساعة للتداول.

وتضاربت الأنباء بشأن انسحاب نواب المكون الكردي بالبرلمان، لعدم التوافق فيما بينهم حول الانضمام إلى "سائرون" أو "الفتح". أما النواب السنة فمنقسمون لأسباب بينها راوبط اجتماعية ولمنع عودة الديكتاتورية للبلاد، بين التحالفين الرئيسيين.

وذكر موقع "السومرية" المقرب من المالكي أن نواب كتلتي "الفتح" و"دولة القانون" انسحبوا من الجلسة، اعتراضا على إعلان رئيس تحالف سائرون حسن العاقولي أن محوره، الذي يضم تيار الحكمة بقيادة عمار الحكيم وتيار الوطنية بزعامة إياد العلاوي، شكّل "الكتلة الأكبر".

ادعاءات وانشقاقات

وعلى الرغم من الفارق العددي، فإن كل طرف يدعي امتلاكه التحالف الأكبر بهدف تشكيل الحكومة المقبلة، وذكر المالكي أنه حصل على "تواقيع أعضاء في البرلمان" أنفسهم، وليس على سبيل أعداد مثل التي لدى قادة القوائم.

وقال إن بعض النواب رفض السير وراء رؤساء قوائمهم. وذكر تحالف المالكي والعامري أن 21 نائباً انضموا إليه من نواب تحالف النصر الذي يتزعمه العبادي.

وبين هؤلاء الرئيس السابق لهيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، الذي أقاله رئيس الوزراء من منصبه قبل عدة أيام، بسبب شكوك في اجرائه مفاوضات مع "الفتح" دون علم العبادي.

يمكن لهذه الانشقاقات، إذا كانت مؤكدة، أن تقلب الموازين، خاصة أن الأحزاب الكردية (نحو ستين نائباً) لم تحسم موقفها حتى الآن وتواصل مفاوضاتها مع الجانبين.

وفي وقت سابق، توصّلت 16 قائمة بينها القائمتان اللتان يتزعّمهما الصدر والعبادي، في وقت متأخر مساء أمس الأول إلى اتفاق على تشكيل تحالف حكومي، وذلك قبل ساعات من أوّل جلسة يعقدها البرلمان.

وقال قاسم الحلفي القيادي في "سائرون" ضمن تحالف العبادي: "حسب قرار المحكمة الاتحادية للدورة الاتحادية في 2010، تم جمع تواقيع رؤساء الكتل وتمت التواقيع".

مهلة وتحديات

وبعد الجلسة، سيكون لدى النواب مهلة من ثلاثين يوماً لانتخاب رئيس للجمهورية كردي، يحصل على ثُلثي الأصوات.

وعند انتخابه يكون أمام رئيس البلاد 15 يوماً لتكليف الكتلة البرلمانية الأكبر بتشكيل حكومة جديدة.

وتواجه الحكومة المقبلة أزمة اجتماعية وصحية كبيرة بدأت منذ نحو شهرين، طالب خلالها محتجون في جنوب ووسط العراق بتحسين الخدمات العامة والبنى التحتية في مناطق تعاني نقصا حاداً منذ سنوات طويلة، خصوصا في مجالات الماء والكهرباء.

احتجاجات البصرة

إلى ذلك، أفاد شهود عيان بأن محتجين تظاهروا مساء أمس الأول قرب حقل غربي القرنة النفطي شمالي البصرة، 550 كيلومترا جنوب بغداد.

واندلعت احتجاجات أخرى في مناطق الشارع التجاري ومداخل منطقة الجزائر وسط البصرة، للمطالبة بتحسين الخدمات وحل مشكلة مياه الشرب ومعالجة أزمة الكهرباء.

هجوم بجروح

في سياق منفصل، قتل ثمانية اشخاص وأصيب أربعة بجروح في هجومين منفصلين نفذهما مسلحون من تنظيم "داعش" استهدفا مدنيين في بلدتين شمال بغداد، ليل أمس الأول وصباح أمس.