«البنتاغون» تعدل برنامج التدريبات الحربية للتكيف مع التهديد الإيراني
بدأ الجيش الأميركي يُغيّر تدريباته الحربية في الشرق الأوسط للتعامل مع التهديدات الإيرانية المنظورة من دون الاضطرار للدخول في صراع مسلّح.أبلغت "البنتاغون" الكونغرس بشأن التعديلات اللازمة للتعامل مع "الجوانب متعددة الأبعاد للحرب في المنطقة الرمادية": إنه مصطلح شائع تستعمله "البنتاغون" للدلالة على العمليات العسكرية التي لا تنتقل إلى مرحلة الحرب المفتوحة، صحيح أن التقرير لا يذكر إيران مباشرةً، لكن غالباً ما ترتبط "المنطقة الرمادية" بالتكتيكات الإيرانية.ظهر هذا التقرير غداة صدور "الاستراتيجية الدفاعية الوطنية" لعام 2018، حيث تم الإعلان عن سعي البنتاغون إلى بناء ائتلاف من الحلفاء العسكريين في الشرق الأوسط من أجل "التصدي لنفوذ إيران" خشية أن يكون هذا البلد "محوراً داعماً للنشاطات الإرهابية" بالاتكال على أطراف بالوكالة وعلى برنامجه الصاروخي.
ذكر البلاغ الذي أرسلته هيئة الأركان المشتركة إلى الكونغرس: "تعمل القيادة المركزية الأميركية على تعديل البرنامج كي يتماشى مع الاستراتيجية الدفاعية الوطنية لعام 2018".وقّع على بلاغ الكونغرس اللواء كينيث ماكنزي، مدير هيئة الأركان المشتركة الذي عيّنه ترامب في وقت سابق من شهر أغسطس لرئاسة القيادة المركزية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط. يدعو التقرير إلى تطبيق "برنامج من التدريبات المشتركة" على يد 74 وحدة تدريبية أميركية في الشرق الأوسط "من خلال الاستفادة من مفعول البرنامج عند التعاون مع الحلفاء والشركاء الإقليميين".تأتي هذه الخطوة فيما تتجه إدارة ترامب إلى تصعيد الضغط على طهران من خلال الانسحاب من الاتفاق النووي وزيادة العقوبات عليها تزامناً مع تكثيف التواصل مع المعارضة.لكن في قسم التعليقات على موقع "المونيتور" الإخباري، أصر مسؤولون في الجيش الأميركي على عدم تركيز التدريبات العسكرية التي تصممها "البنتاغون" على تهديدات محددة مثل إيران. قال جوناثان شرودن الذي يدير برنامج العمليات الخاصة في منظمة "سي إن إي" الدفاعية إن هذه التعديلات قد تشمل جميع أنواع التدابير، بدءاً من إطلاق حرب غير تقليدية وعمليات جمع المعلومات وصولاً إلى مهام عالية الخطورة ضد خبراء في مجالهم. بدأت قيادة العمليات الخاصة في البنتاغون مثلاً تُجري محاكاة غير تقليدية للحرب في غابات كارولاينا الشمالية المعروفة باسم "روبن ساج" وتدعو هذه العملية إلى تحضير أعضاء القوات الخاصة في الجيش الأميركي لتدريب عصابات في بلد خيالي. تأتي هذه التعديلات بعدما أطلقت القوات البحرية الإيرانية تدريبها السنوي في الخليج العربي في وقت سابق من شهر أغسطس لإثبات قدرة طهران على إغلاق مضيق هرمز، ذلك الممر الذي يشمل أكثر من 20% من نفط العالم. وقبل أسابيع اعتبر اللواء محمد باقري، رئيس القوات المسلحة الإيرانية، أن طهران هي التي "تضمن أمن الشحن والاقتصاد العالمي" في المضيق، وقال إن الحرس الثوري الإسلامي "يتمتع بالقوة اللازمة للتحرك ضد أي مؤامرة في هذه المنطقة"، وأثارت هذه التعليقات غضب المسؤولين العسكريين الأميركيين.قال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس خلال اجتماع نادر في البنتاغون لتحليل آخر المستجدات: "تلقت إيران تنبيهاً مفاده أننا لن نتسامح مع استمرار الأذى وأعمال القتل التي تُسببها في أنحاء المنطقة، بل إنها ستتحاسب على أفعالها"، وذكر ماتيس دعم طهران للأسد والتهديدات بوقف شحن النفط ودعم جماعة الثوار الحوثيين في اليمن بالصواريخ البالستية. تواجه "البنتاغون" تحديات صعبة في التعامل مع ميل إيران إلى استعمال وكلاء غير محددين وطائرات بلا طيار وزوارق سريعة من شأنها أن تنشر الفوضى في المنطقة، إذ استعملت إيران تحديداً وكلاء لها وعمليات سياسية وعسكرية هجينة ومشتركة لزعزعة توازن القوات الأميركية بحسب رأي الخبراء.قال ناثان فرير، أستاذ مساعد في الكلية الحربية التابعة للجيش الأميركي ومُعدّ تقرير البنتاغون حول الحرب في المنطقة الرمادية: "هم يستعملون جميع الأدوات التي تعطي أكبر أثر ممكن ونحن ما زلنا نتخبّط ونستعمل الطرق القتالية التقليدية التي نعرفها".في تقرير تلقاه الكونغرس، اعترف رئيس هيئة الأركان بمواجهة صعوبة في الحفاظ على "استراتيجية تمويل جديرة بالثقة" وباحتمال "تراجع البصمة" الأميركية في الشرق الأوسط، كما يحذر التقرير أيضاً من أن تؤثر أي تخفيضات إضافية في ميزانية البنتاغون أو في أعداد الجنود الأميركيين "بدرجة الجهوزية الأميركية وأن تُضعف التزامنا مع شركائنا في الائتلاف".تخطط "البنتاغون" لتخفيض التمويل الذي خُصّص لخوض الحروب بعد أحداث 11 سبتمبر بأكثر من 70% بحلول عام 2020، علماً أن الجيش الأميركي كان يستعمل ذلك التمويل لدعم عمليات الشرق الأوسط طوال عقدين من الزمن تقريباً.* جاك ديتش* «المونيتور»