المسألة ليست مجرد مكيفات تعطلت مع بدء الدراسة في مدارس عديدة داخل الكويت، وليست مجرد رد فعل على سوء إدارة في جهة معينة من مؤسسات الدولة، ولو أن هذا الموضوع، أي تكييف المدارس، لوجب أن نضع بجانبه أكبر قدر من علامات الاستفهام والتعجب.فقد تكرم سمو الأمير بتوريد 14 ألف وحدة تكييف للمدارس على نفقته الخاصة في منتصف أكتوبر 2015 بتكلفة تقدر بثلاثة ملايين دينار حسبما أعلن وزير التربية حينها الدكتور بدر العيسى، وقد كشفت إحصائية تربوية نشرت في «القبس» في يناير 2016 أن عدد الفصول الدراسية في الكويت يقدر بـ14613 فصلا دراسيا، بمعنى أنه إذا ما تم فعلا التصرف الجيد بوحدات التكييف التي تكفل سمو الأمير بتوريدها للمدارس فإن هذا يعني أن كل الفصول الدراسية في مختلف مدارس الكويت تم تزويدها بوحدة تكييف جديدة في نهاية 2015.
وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن فترة العمل في الفصول والقاعات الدراسية في مدارسنا الحكومية لا تتجاوز الستة أشهر فهذا يعني أن وحدات التكييف الجديدة تم استخدامها سنة ونصف فقط، وأن الميزانيات المخصصة لشراء وحدات التكييف في وزارة التربية لم يتم استخدامها في عام 2015 على الأقل ومن الممكن استغلالها في عقود صيانة ذهبية، وهذا ما لم يحدث بدليل مشكلة هذا العام وكل عام.إلا أني كما ذكرت في البداية بأن المسألة ليست مجرد مكيفات معطلة، فالأزمة أعمق من ذلك بمراحل، فأن تردد وزارة التربية عبر مسؤوليها في مختلف مراكزهم على مدار شهر كامل، وتعلن جاهزيتها التامة لاستقبال الطلبة، وهو أمر انكشف مع ثاني يوم دراسي، يبين أن الادعاء بما ينافي الحقيقة أصبح سمة مؤسسات الدولة، لا تصرفا فرديا بكل تأكيد، هذا من جانب ومن جانب آخر فإن الوصول إلى هذه المرحلة من الفساد دون سقوط للقيادات لا الموظفين، ودون أي رد فعل قوي وحقيقي، يعكس درجة اللامبالاة التي وصلنا إليها في الكويت، فمجرد تذمر وقتي يتلاشى سريعا نعتبره دوراً فعلياً قمنا به وهو أمر ينافي الواقع طبعا.لقد بلغنا مراحل متقدمة من الفساد والكذب دون أن نتأثر إلا عند وقوع الكوارث، وحتى حينها فإن تأثرنا بتلك الكوارث وقتي لا يدوم، فمن منا يذكر مشكلة محطة الصرف الصحي في مشرف والتلوث الذي انتشر حينها إلى أين خلص التحقيق فيها؟ ومن نال العقاب عليها؟صالة بولينغ لها أكثر من 11 عاماً ولم تفتتح إلى الآن بالسالمية هل يعرف أحد السبب؟ لوحات إعلانية ضخمة في الطرق بشاشات بدائية مزعجة تكتب عبارات بالية على أساس أنها توعوية هل استفسرنا عن جدواها وتكاليفها؟حدائق عامة قاحلة في مختلف المناطق مزينة بلافتة مشروع إنشاء أو تطوير حديقة عامة بتكلفة كبيرة وبمدة إنشاء تم تجاوزها بسنوات هل أزعجت أحدا؟في كل جهة وفي كل مجال أصبح الفساد جزءاً منا دون مبالاة أو اهتمام، ودون تحرك دائم وثابت لحين الإصلاح، هذا ما نحن عليه اليوم ونتجه للأسوأ.
مقالات
لا مبالاة
06-09-2018