بات متوقعاً أن تواصل الأسواق الناشئة تراجعها في ظل تحرك عدوى التراجع التي تشهدها عملات تلك الأسواق إلى الأسهم، وفقاً لتقرير نشرته "بلومبرغ".ومن جانبه، يتبنى جيمس لورد، رئيس قسم استراتيجيات الدخل الثابت في الأسواق الناشئة لدى بنك "مورغان ستانلي"، رؤية سلبية لتلك الأسواق لعدة أسباب من بينها احتفاظ مديري الصناديق الاستثمارية بالمراكز الشرائية حتى بعد هبوط مؤشر عملات الأسواق الناشئة إلى أدنى مستوى له في عام.
وذكر "لورد" في تقرير نُشر الثلاثاء الماضي، أن البنك ما زال يتبنى رؤية سلبية تجاه الائتمان وأسعار الفائدة وأسعار صرف العملات، مشدداً على الاحتفاظ بالمراكز البيعية في أغلب الأسواق ذات الاستثمارات مرتفعة العائد بما في ذلك إندونيسيا وماليزيا، والمتوقع أن ينصب عليهما تركيز المستثمرين بشكل متزايد.
الفائدة الأميركية وتأثيرها الواسع
بعد مرور خمس سنوات على قلق الأسواق وردة فعلها من خفض أو إنهاء السياسة التيسيرية للاحتياطي الفدرالي وقتذاك وتأثير ذلك السلبي على الأصول الأعلى خطورة، تصطدم الأسواق الناشئة حالياً بتسارع وتيرة انخفاض السيولة مع اتجاه الاحتياطي الفدرالي نحو تشديد سياسته النقدية.ونتيجة توجه الاحتياطي لرفع الفائدة، زادت تكلفة التمويل عالمياً ملقية بظلالها على الدول التي تمتعت بوتيرة نمو اقتصادي أسرع من الدول المتقدمة.ونجد أن الدول التي تمتلك أسساً اقتصادية ضعيفة هي الأعلى تأثراً، إذ رأينا بالأمس تراجعاً حاداً في الراند الجنوب إفريقي عقب صدور بيانات تفيد بدخول اقتصاد جنوب إفريقيا في حالة ركود.كذلك الليرة التركية، التي واصلت تراجعها وسط المخاوف من فشل البنك المركزي التركي في طمأنة المستثمرين بقرار رفع الفائدة أثناء اجتماعه الأسبوع المقبل، وانخفض البيزو الأرجنتيني، وسجلت الروبية الإندونيسية أدنى مستوياتها في عقدين رغم تكثيف جهود البنك المركزي لحماية العملة.تأثر الأسواق المتقدمة
وذكرت تحليلات بنك "جيه بي مورغان" أنه تزامناً مع خفض المستثمرين لمشترياتهم من السندات المقومة بالعملة المحلية في الأسواق الناشئة، هناك مجال لتراجع الأسهم والسندات المقومة بالدولار الأميركي والعملات الرئيسية الأخرى.كما قال استراتيجيو "جيه بي مورغان" في مذكرة صادرة الجمعة الماضية، إن مديري صناديق السندات المقومة بالعملات المحلية للأسواق الناشئة هم المسؤولون عن تصحيح حركة هذه الأسواق أخيراً.حركة تصحيحية وتقليص الخسائر
أشارت التحليلات إلى احتفاظ مديري الصناديق بمراكزهم الشرائية في السندات المقومة بالعملات المحلية للأسواق الناشئة الشهر الماضي بعد بناء مراكز جديدة في يوليو، فعكست الأسواق خسائرها بشكل ملحوظ وربما يرجع ذلك إلى "التنازل" عن تلك المراكز.على جانب آخر، ابتعد مديرو صناديق الأسهم عن التخارج، لكنهم اتجهوا أيضاً إلى بناء المراكز الشرائية في يوليو، بحسب "جي بي مورغان".وأفادت التحليلات باستمرار عرض مديري صناديق الأسهم والسندات المقومة بالعملة الأجنبية في الأسواق الناشئة الأوراق المالية مرتفعة العائد خلال أغسطس، مشيراً إلى أن الأسهم والسندات المقومة بالعملة الأجنبية أكثر عرضة للمخاطر حال تصاعد النزاعات التجارية بين أميركا والصين في سبتمبر الجاري.هل يتوقف الاحتياطي الفدرالي بعض الوقت عن تشديد سياسته النقدية؟توقع "كيم دو" الرئيس المشارك لقسم استراتيجيات الأصول الآسيوية المتعددة لدى "بارنج أسيت مانجمينت"، حدوث اضطراب شديد في أسواق السندات ما لم يقلص الاحتياطي الفدرالي من سرعة تشديد سياسته النقدية، لكنه استبعد حدوث ذلك.وقال في مقابلة على تلفزيون "بلومبرغ" إذا توقف الفدرالي عن مواصلة مساره فترة قصيرة سيكون أمراً جيداً جداً للأسواق الناشئة، لكن من المتوقع رفع الفدرالي الفائدة هذا الشهر، لكن في ديسمبر فلسنا متأكدين من ذلك، لكن حال توقف رفع الفائدة الأميركية فإن ذلك يعد خبراً ساراً بالتأكيد للأسواق الناشئة.«جيه بي مورغان» و«بلاك روك» يحذران من انتشار العدوى
حذر بنك "جيه بي مورغان" وشركة "بلاك روك" من انتشار "عدوى" الموجة البيعية وتراجع الأسواق الناشئة التي بدأت في السوق الأرجنتيني، ثم تركيا لتنتقل إلى جنوب إفريقيا والبرازيل وإندونيسيا.وقال مدير أموال لدى "بلاك روك" "بابلو غولدبرغ" لـ "بلومبرغ" : إننا أمام أزمة ثقة في الأسواق الناشئة مع ظهور "عدوى" في الوقت الحالي.وانخفضت عملات الدول الناشئة إلى أدنى مستوياتها منذ مايو 2015، إذ تراجع البيزو الأرجنتيني والليرة التركية والروبية الهندية إلى مستويات منخفضة غير مسبوقة، كما تراجعت الروبية الإندونيسية إلى أدنى مستوى في عقدين كاملين.وأدت التوترات التجارية العالمية إلى جانب قوة الدولار الأميركي مع توقعات رفع معدلات الفائدة الأميركية مرات أخرى إلى تباطؤ تدفق المحافظ الاستثمارية إلى الأسواق الناشئة إلى 2.2 مليار دولار الشهر الماضي من 13.7 مليار دولار في يوليو، وفقاً لمعهد التمويل الدولي.وقالت محللة الاستثمار العالمي لدى "جيه بي مورغان" أنستاسيا أموروسو، إنه مع استمرار الحرب التجارية وتحرك الاحتياطي الفدرالي نحو رفع الفائدة بوتيرة سريعة مقارنة بباقي دول العالم، تتوقع مزيداً من القوة لصالح الدولار.