إجازة أميركية لتصفية «النصرة» بإدلب وخنق تركيا وإيران
• «البنتاغون» أوقفت ضرب إسرائيل مواقع عراقية خوفاً على جنودها وعدم جاهزيتهم لتلقي النتائج
• فرار جماعي يسبق قمة طهران
• موسكو: قتلنا ونقتل وسنقتل الإرهابيين في أي مكان بسورية
مع اتجاه الأنظار إلى اجتماع قادة روسيا وتركيا وإيران، الثلاثي الضامن لاتفاق أستانة، باتت عملية إدلب شبه محسومة بعدما توصلت القيادات العسكرية الأميركية والروسية إلى تفاهمات تبدو غير مباشرة على إنهاء وجود الجماعات المتطرفة مثل "جبهة النصرة" سابقاً.
وسط توالي تغريدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لرسم "الإطار المقبول" لمعركة إدلب شرط عدم استخدام السلاح الكيماوي، شكل صمت "البنتاغون" عن التعليق على تهديدات روسيا ومناوراتها موسكو في البحر المتوسط، وغاراتها على المحافظة، رسالة واضحة بأن العملية ستجري بشكل أقرب إلى الجراحة الموضعية.لا بل تؤكد قيادات في "البنتاغون" بأن العملية العسكرية لإنهاء وجود الجماعات المسلحة المتطرفة وفي مقدمتها "جبهة النصرة" الذراع السابقة لتنظيم القاعدة في سورية، لا يتعارض مع عمليات التحالف الدولي، وبأن القضاء عليها يصب في مصلحة الولايات المتحدة بمعزل عن الجهة التي ستتولى هذه المهمة.وزاد فشل تركيا في إقناع "النصرة" بالتخلي عن سلاحها والانضمام إلى عملية سياسية وفصلها عن مقاتلي المعارضة المقبولة، من حجم الخسائر السياسية التي ستتكبدها في سورية، حين ينقشع غبار المعركة التي تشير تقديرات عسكرية أميركية بأنها قد تستغرق نحو ثلاثة أشهر على الأقل، وإلى احتمال انعكاسها على مناطق نفوذها الأخرى.
انقلاب سياسي
حتى إيران، التي ستشارك تشكيلاتها العسكرية في تلك العملية، تنتظرها مرحلة سياسية صعبة في ظل التطورات الهائلة الجارية في العراق، مع "انقلاب سياسي" تتهم واشنطن بقيادته لإعادة ترتيب المعادلة السياسية داخل هذا البلد.وبحسب أوساط عسكرية واستخبارية أميركية، فإن المعادلة التي أرستها إسرائيل داخل سورية، سواء بالتنسيق المباشر أو بالتواطؤ مع روسيا وبمباركة أميركية، وكان آخرها الغارات العنيفة على مخازن الأسلحة في مطار المزة أو على مواقع في عمق المناطق العلوية في اللاذقية ضد القواعد الإيرانية، فإن تل أبيب كانت على وشك توجيه ضربات جوية مباشرة في العمق العراقي لمواقع الصواريخ والأسلحة الثقيلة التي زودت طهران بها ميليشيات شيعية عراقية في الأسابيع الأخيرة. لكن اعتراض "البنتاغون" على تلك الضربات أوقفها في اللحظات الأخيرة، بعدما أبدت قياداتها تخوفها على سلامة الجنود الأميركيين العاملين في العراق، في ظل عدم جاهزيتهم لتلقي نتائجها في هذه المرحلة، مع احتدام الصراع السياسي الدائر فيه، تحت عنوان تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وخوفاً من توظيف نتائجها في اتجاه يعاكس ما يجري سياسياً على الأرض.ضغوط وعقوبات
وتؤكد تلك الأوساط على أن واشنطن تتجه إلى تصعيد ضغوطها على المحور التركي- الإيراني في المعادلة الإقليمية في المنطقة، مشيرة إلى أن جانباً منها على علاقة مباشرة بما جرى في قمة هلسنكي بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. وبحسب تلك الأوساط، فان حزمة العقوبات الجديدة في نوفمبر المقبل على إيران، سيقابلها ضغوط وعقوبات على تركيا أيضاً، فيما قيادات "البنتاغون" قد شرعت جدياً في البحث عن بدائل لقاعدة أنجرليك الجوية، مشيرة إلى زيارة لافتة لقائد القوات الأميركية في المنطقة لليونان كمكان بديل محتمل، أو إلى قبرص اليونانية.وتتحدث أوساط أميركية عن مخاوف من أن تكون تركيا دخلت في مرحلة متقدمة من ابتعادها عن حلف "الناتو"، واحتمال كشفها لأسرار عسكرية تمتلكها بحكم عضويتها فيه. مما يعرض عمليات الحلف في المنطقة لأخطار، سيفاقمها احتمال حصولها على المنظومة الصاروخية الدفاعية الروسية "أس 400".قمة حاسمة
وعشية قمة ثلاثية حاسمة لقادة "محور أستانة" من شأنها أن تحدد مصير إدلب، شددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: "قتلنا ونقتل وسنقتل الإرهابيين، إن كان في حلب أو إدلب أو في أماكن أخرى في سورية"، مضيفة: "هذه مسألة تتعلق بأمننا، ويجب أن يعود السلام إلى سورية".وفرت أمس مئات العائلات من جنوب شرق المحافظة بحثاً عن ملاذ في الشمال خوفاً من هجوم وشيك سبقته روسيا وقوات الرئيس بشار الأسد بقصف متواصل منذ 3 أيام.وتزامناً مع جلسة مجلس الأمن المقررة اليوم لبحث الوضع في إدلب، تشهد طهران قمة ثلاثية تجمع الرئيس الروسي والتركي رجب طيب إردوغان والإيراني حسن روحاني لبحث الأزمة السورية، والخطوات المحتملة لحل معضلة إدلب، التي تؤوي نحو ثلاثة ملايين شخص، وفق الأمم المتحدة، نصفهم من النازحين وبينهم عشرات الآلاف من مقاتلي المعارضة المهجرين مع مدنيين على مراحل من مناطق عدة.وإذ أمل رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني أن يتوصل رؤساء الدول الضامنة لاتفاق أستانة حل نهائي لقضية إدلب، أكد مصدر عسكري فرنسي أن هناك مؤشرات على أن روسيا وحلفاءها يريدون الانتهاء من الهجوم بحلول نهاية هذا العام.الجيش الفرنسي
بدوره، أكد قائد الجيش فرانسوا لوكوانتر أمس استعداد باريس لتنفيذ ضربات على أهداف سورية إذا استُخدم نظام الأسد أسلحة كيماوية في هجومه المتوقع، موضحاً أن باريس مستعدة لهذه العملية على المستوى الفردي لكن من مصلحتها القيام بذلك مع أكبر عدد ممكن من الشركاء.وفي أبريل، أطلقت فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا أكثر من 100 صاروخ على أهداف تابعة للحكومة السورية رداً على الهجوم الكيماوي على غوطة دمشق.وغداة تأكيد ترامب على أنه يتابع والعالم عن كثب تطورات الأوضاع في إدلب، اعتبرت المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل أمس، أن الوضع في هذه المحافظة معقد، وهناك قوات متشددة ينبغي محاربتها، مشيرة إلى أنها تحدثت مع الرئيسين الروسي والتركي بشأن الوضع هناك وشددت على ضرورة تفادي وقوع كارثة إنسانية.
ألمانيا مع محاربة المتشددين... وفرنسا للرد على «الكيماوي»