خاص

موضي الفارسي لـ الجريدة: الصحراء الكويتية تحتوي على كنز مهمل ويجب إعادة تأهيله

نشر في 08-09-2018
آخر تحديث 08-09-2018 | 00:03
من الملاحظ بشكل كبير لدى الجميع أن الأنظمة البيئية الصحراوية في دولة الكويت تدهورت كثيراً بسبب الظروف الطبيعية الصعبة والممارسات البشرية اللاواعية. وتعتبر عملية التدهور مشكلة اقتصادية واجتماعية وبيئية عالمية تتطلب اهتماماً خاصا لأن نتائجها وخيمة وتخلق ظروفاً أكثر صحراوية وأكثر جفافاً، ولكي تستعيد المنطقة المتدهورة عافيتها يجب القيام بإجراءات علاجية على غرار التأهيل البيئي.
من الاختصاصيين والمهتمين بعلاج هذة المشكلة الباحثة العلمية في علم النبات موضي الفارسي، من معهد الأبحاث العلمية، التي أكدت لـ {الجريدة} ان من مؤشرات التدهور البيئي الواضحة في الصحراء الكويتية عموماً ومنطقة اللياح خصوصاً، اختفاء الغطاء النباتي وانكشاف التربة وتكوين طبقة صلبة غير منفذة لمياه الأمطار من الجاتش؛ وهي رمال متماسكة بكربونات الكالسيوم وحبيبات الطين؛ ومن الصعب أن تخترقها جذور النباتات الفطرية أو تحفر الحيوانات الصحراوية فيها جحورها.

برامج وحلول اقتصادية

تحتوي الصحراء الكويتية على كنز مهمل ومفقود (وهو جميع ما تحتويه من حياة فطرية نباتية وحيوانية وتربة ومعالم أرضية) ويجب إعادته إلى سابق عهده ومن ثم تنميته وإعادة تأهيله. يتطلب ذلك تصميم برامج وحلولاً اقتصادية مستدامة وصديقة للبيئة وتنفيذها لمعالجة التدهور البيئي.

تعتمد هذه التطبيقات المستدامة على ركائز أساسية من بينها: الاهتمام بالحرث الميكانيكي السطحي للتربة المضغوطة وإقامة المتون الهلالية أو الرباعية أو المربعات الشطرنجية لحصاد المياه والرمال السافية الغنية بالبذور، وإعادة استخدام المخلفات النباتية وبالأخص سعف النخيل كمهاد للتربة. فهذه المواد لها قدرة على زيادة خصوبة المياه في التربة المتدهورة ونفاذيتها وإثراء الحياة الفطرية النباتية والحيوانية وتقليل النحت الريحي في المنطقة.

بالإضافة إلى زراعة النباتات الفطرية الدائمة المتوفرة في المنطقة، ولمعرفة كفاءة نظام المعالجة، تم جمع عينات من التربة ومن ثم فحصها وتحليلها تحليلاً فيزيائياً وكيميائياً قبل تطبيق نظام المعالجة وبعده. وقد لوحظ أن ثمة تحسناً ملحوظاً لخصائص التربة لدى تنفيذ تطبيقات صديقة للبيئة.

تم اعداد بحث يستعرض بالتفصيل نتائج تقنية المتون الرباعية المغطاة تغطية كاملة بسعف النخيل. كان متوسط رطوبة التربة المعالجة يفوق التربة غير المعالجة إلى أكثر من الضعف، لا سيما كلما تعمقنا أكثر، لأن التسرب الراسي يزداد مع زيادة العمق. ومتوسط الكثافة الظاهرية للتربة غير المعالجة 2.0 جم/سم3، ولكن بعد استخدام نظام المعالجة أصبح أقل من 0.03 جم/سم3 ما انعكس إيجاباً على مسامية التربة، فأصبحت 99% بعدما كانت 26%، وأيضاً ثمة نتائج إيجابية سيتم إيضاحها بالتفصيل في هذه الدراسة التي تدعم أهمية تطبيق التقنيات المستدامة الصديقة للبيئة لتستعيد التربة المتدهورة عافيتها وصحتها، وتسترد كنزها المفقود.

تحديات زراعية

بينت الفارسي أن الكويت تواجه الكثير من التحديات في المجال الزراعي ناتجة من تضافر مجموعة من الضغوط والعوامل الطبيعية والبشرية. ومن أهم العوامل الطبيعية الموقع الجغرافي، والمناخ الصحراوي (حار صيفاً وبارد شتاءً) والجفاف (متوسط كمية الأمطار 112 مم/السنة)، وفقر التربة بالمواد المغذية، وهشاشة الغطاء النباتي، وديمومة العواصف الغبارية النشطة وهي تمثل 25 بالمائة من أيام السنة وتعمل على إزالة الطبقة العليا الغنية بالبذور من التربة

(Al-Dousari et, al. 2012).

أما العوامل البشرية فسببها زيادة الضغط البشري على الموارد الطبيعية كالرعي الجائر وقلع الأشجار وإقامة محاجر الصلبوخ وحركة السيارات والأنشطة العسكرية المختلفة. ساهمت هذه الضغوط في تدهور النظام الإيكولوجي من تصلب التربة وانضغاطها، ما نتج عنه قلة أو انعدام الغطاء النباتي والحياة الفطرية عموماً في كثير من الأراضي الصحراوية بدولة الكويت.

منطقة اللياح موضع الدراسة

أشارت الفارسي إلى اختيار منطقة اللياح لإجراء هذه الدراسة، لأنها تعرضت لضغوط بيئية شديدة بسبب الاستغلال المفرط لمواردها الطبيعية من الرمال والصلبوخ، علاوة على عمليات الردم وتسوية أرضية المحاجر، ما تسبب في القضاء الكامل على الحياة الفطرية وفقدان التنوع الحيوي وتدني إمكانات التربة وتشوه سطح الأرض وتغير الملامح الطبوغرافية الدقيقة، ولقد بدأت مسيرة إعادة تأهيل محمية اللياح، التي تقارب مساحتها 179 كم2، في غضون 2002/2001 بمبادرة طيبة من لجنة متابعة القرارات الأمنية التابعة لمجلس الوزراء الموقر، وبمشاركة جهات عدة في الدولة، من بينها: معهد الكويت للأبحاث العلمية، والهيئة العامة للبيئة.

لوحظ أن ثمة تحسناً ملحوظاً لخصائص التربة لدى تنفيذ تطبيقات صديقة للبيئة

ساهمت زيادة الضغط البشري على الموارد الطبيعية في تدهور النظام الإيكولوجي من تصلب التربة وانضغاطها
back to top