في تطور ينذر بالمزيد من التصعيد، اقتحم ثوار البصرة أمس، مقر القنصلية الإيرانية في جنوب العراق وأضرموا فيها النيران، قبل أن يتوجهوا إلى نظيرتها الأميركية والقصور الرئاسية، وسط أنباء عن انسحاب قوات الأمن من الشوارع الرئيسية في المدينة الغنية بالنفط.

وتأتي هذه التطورات، التي شملت استمرار الثوار في إغلاق ميناء أم قصر الرئيسي، بعد يوم من حرق مسكن محافظ البصرة ومقرات لأحزاب سياسية وجماعات مسلحة، واشتباكات مع قوات الأمن تخللها سقوط 3 قتلى.

Ad

وفي ظل النزاع بين تحالف «الإصلاح والإعمار» بقيادة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وتحالف «البناء» بقيادة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، دعا قائد ميليشيا «بدر» هادي العامري، رئيس الحكومة المؤقت حيدر العبادي، إلى تقديم استقالته «فوراً»، وحمّله مسؤولية إحراق مقرات تابعة لـ «الحشد الشعبي» وأحزاب ومنظمات قريبة من إيران، في مقدمتها «عصائب أهل الحق» و«بدر» بالبصرة.

من جهة ثانية، وبعد فشله في تشكيل الكتلة الأكبر لتكليفها تأليف الحكومة الجديدة، قطع البرلمان حالة الشلل السياسي وقرر عقد جلسة استثنائية، اليوم، لمناقشة أزمة البصرة، التي تشهد مواجهات بين قوات الأمن ومحتجين غاضبين من تردي الخدمات ونقص مياه الشرب، تسببت في سقوط 11 قتيلاً وإحراق العديد من المنشآت الحكومية والمقرات الحزبية، منذ الثلاثاء الماضي.

وذكر بيان صادر عن المجلس أن الجلسة سيحضرها العبادي والوزراء المعنيون لمناقشة «المشاكل والحلول والتطورات الأخيرة» في البصرة، التي تتفاقم أزمتها بعد أن أدى تلوث المياه فيها إلى إصابة أكثر من 30 ألف شخص بالتسمم.

وجاءت دعوة البرلمان بعد ساعات فقط من سقوط ثلاث قذائف هاون، فجراً، داخل المنطقة الخضراء المحصنة، التي تضم سفارات غربية عدة أكبرها سفارة الولايات المتحدة، ومباني حكومية منها البرلمان.

ووصف مراقبون الهجوم الذي أصاب أرضاً خالية داخل المنطقة الخضراء ببغداد، ومرّ دون وقوع خسائر بشرية أو مادية، بـ «الرسالة النارية» الموجهة لسفراء الدول والأحزاب السياسية، في ظل النزاع بين تحالف «الإصلاح والإعمار» بقيادة الصدر والعبادي وتحالف «البناء» بقيادة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وقائد ميليشيا «بدر» هادي العامري المقرب من إيران.

واعتبر المراقبون أن سقوط القذائف، وهو الأول من نوعه منذ سنوات، حمل رسالة ضمنية بأن نيران اضطرابات البصرة وفشل البرلمان، الذي انعقد الاثنين الماضي بعد 4 أشهر من الانتخابات، في تشكيل «الكتلة الأكبر»، قد تشمل الجميع؛ إذا استمر عدم التوصل إلى اتفاق سياسي بحلول منتصف الشهر الحالي، الموعد المقرر لعقد جلسة انتخاب رئيس المجلس ونوابه.

في غضون ذلك، دعا الصدر، رئيس حكومة تسيير الأعمال حيدر العبادي إلى تسليم الأموال المخصصة لمشاريع وخدمات البصرة الغنية بالنفط إلى «أيدٍ أمينة» فوراً، دون تهاون أو تمييع، محذراً إياه من أن «يتصور أن ثوار البصرة عبارة عن فقاعة، كما ظن سلفه بغيرهم».

من جهته، ندد عبدالمهدي الكربلائي ممثل المرجعية العليا في البلاد علي السيستاني، بـ «الأداء السيئ لكبار المسؤولين وذوي المناصب الحساسة للحكومات المتعاقبة».