رغم تحذير الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من أنه لن يقف متفرجاً على مقتل المدنيين في سورية، تعرضت محافظة إدلب أمس، لغارات روسية هي "الأعنف" منذ بدء تهديد دمشق مع حليفتها موسكو بشن هجوم وشيك على المنطقة.ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن الطائرات الروسية نفذت قرابة 60 ضربة في أقل من ثلاث ساعات على بلدات وقرى في ريفي إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي، تزامناً مع قصف مدفعي وجوي بالبراميل المتفجرة لقوات النظام على المنطقة، ما تسبب بمقتل أربعة مدنيين على الأقل.
وقبل ساعات على اجتماع لمجلس الأمن بدعوة من واشنطن حول الوضع في إدلب، وخلال انعقاد القمة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني والتركي رجب طيب إردوغان، شنّت طائرات روسية لليوم الثالث على التوالي غارات عنيفة أوقعت خمسة قتلى على الأقل، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أشار إلى استمرار فرار المدنيين خصوصاً من الريف الجنوبي الشرقي الذي يستهدفه القصف.وبعد اجتماعه مع روحاني وبوتين في طهران، كتب إردوغان، في سلسلة تغريدات في وقت متأخر من أمس الأول، "إذا غضّ العالم الطرف عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص الأبرياء من أجل مصالح النظام، فلن نقف موقف المتفرج أو نشارك في مثل هذه اللعبة".وأكد إردوغان أن "اللجوء إلى الوسائل التي تتجاهل حياة المدنيين، لن يكون سوى مساعدة الإرهابيين"، محذراً من "فرض أي أمر واقع بذريعة قتال الإرهاب".
سجال وبيان
وشهدت القمة سجالاً بين الرئيسين الروسي والتركي حول صياغة البيان الختامي. فقد طلب إردوغان "وقف إطلاق النار"، محذراً من "حمام دم" في حال شنّ هجوم على المحافظة الواقعة على حدوده.لكن بوتين رفض الاقتراح مشدداً على "عدم وجود ممثلين عن مجموعات مسلحة على الطاولة" مخولين التفاوض حول الهدنة، في موقف أيده روحاني.وبشكل عام، ظلّ الرؤساء الثلاثة متمسكين بمواقفهم، فقد شددت طهران وموسكو على ضرورة محاربة "الإرهاب" وحق دمشق في استعادة السيطرة على كامل أراضيها، بينما حذرت تركيا، التي تدعم مقاتلين وتستقبل لاجئين، من "مجزرة".وقبل القمة، أشارت بعض وسائل الإعلام إلى إمكان التوصل إلى اتفاق حول إدلب، لكن البيان الختامي اكتفى بالقول، إن الرؤساء الثلاثة اتفقوا على معالجة الوضع في إدلب "بروح من التعاون الذي طبع محادثات أستانة".خيارات أميركية
بالتزامن مع تحذير روسيا من مخطط لاستخدام السلاح الكيماوي واتهام دمشق بتنفيذه، لوّح الجيش الأميركي أمس، بوجود خيارات عسكرية لديه إذا تجاهل النظام تحذيراته واستخدم هذا السلاح المحظور.وأعلن رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد، أنه يجرى "حواراً روتينياً" مع الرئيس دونالد ترامب بشأن الخيارات العسكرية، إذا تجاهلت سورية تحذيرات واشنطن من استخدام أسلحة كيميائية في هجوم متوقع على إدلب.وأضاف دانفورد، أن الولايات المتحدة لم تتخذ بعد قراراً باستخدام القوة العسكرية رداً على أي هجوم كيميائي في سورية، وقال: "ولكننا نجري حواراً روتينياً مع الرئيس للتأكد من أنه يعرف موقفنا فيما يتعلق بالخطط في حالة استخدام أسلحة كيميائية".وكشف دانفورد، في تصريحات أدلى بها خلال زيارة يقوم بها للهند، أنه يتوقع أن "تكون لدينا خيارات عسكرية بشأن آخر تطورات الأوضاع العسكرية".تحضيرات روسية
ولاحقاً، اتهمت وزارة الدفاع الروسية أمس، قادة فصائل المعارضة بالاتفاق خلال اجتماع لهم في إدلب على سيناريو "هجوم كيماوي" لتحميل دمشق مسؤوليته، مؤكدة أنهم يعتزمون تصوير مشاهد "الهجوم المفبرك" في 4 بلدات.وفي إشارة لجاهزيتها للضربة الأميركية المحتملة، أشارت الوزارة إلى قيام مجموعة من سفنها الحربية بقصف أهداف افتراضية في البحر الأبيض المتوسط خلال مناوراتها عسكرية المستمرة منذ مطلع الشهر الجاري.وأكدت وزارة الدفاع أن "هذه التدريبات ضرورية لمعرفة مدى استعداداتنا باستخدام التكنولوجيا الجديدة المجهزة بها السفن"، مشيرة إلى أن السفن صدت هجوم جوي افتراضي، وهجوم للغواصات في البحر المتوسط.النظام والأكراد
وعلى الأرض، قتل 18 عنصراً من قوات النظام وقوات الأمن الكردية (الأسايش) أمس في مواجهات نادرة بمدينة القامشلي، التي يتقاسمان السيطرة عليها، وفق ما أفاد بيان عن الأكراد والمرصد السوري لحقوق الانسان.ويتوزع القتلى وفق بيان لقيادة "الأسايش" والمرصد السوري، بين 11 عنصراً من قوات النظام كانوا على متن دورية لدى مرورها على حاجز لقوات الأسايش في المدينة، مقابل سبعة قتلى من الأكراد، إضافة إلى جرحى من الطرفين.وأوردت قيادة "الأسايش" أن إطلاق عناصرها النار جاء رداً على "استهداف عناصر الدورية قواتنا بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، لترد قواتنا على هذا الاعتداء لينجم عنه قتل 11 عنصراً من النظام وجرح اثنين". وأضافت أنه إثر ذلك "استشهد سبعة من رفاقنا وجرح واحد".من جهته، قال مدير المرصد رامي عبدالرحمن، إن "حاجزاً للأسايش أوقف سيارة عسكرية تابعة لقوات النظام لدى مرورها على أطراف الشارع السياحي في المدينة وطلب من عناصرها النزول، ولدى رفضهم الامتثال لهذا الطلب، بدأ إطلاق الرصاص على السيارة، لتندلع إثر ذلك اشتباكات عنيفة بين الطرفين مع استقدام كل منهما تعزيزات عسكرية".