حددت رئيسة جمعية الفنانين للرسم والنحت في لبنان ديما رعد «سمبوزيوم بعلبك الدولي للرسم والنحت» بأنه يصبّ في إطار تفعيل النحت على الحجر اللبناني «تيستا»، وإنجاز منحوتات مستوحاة مما يتناسب مع ثقاقة مدينة الشمس بعلبك وحضارتها، كاشفة عن صعوبات وتحديات واجهت جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت خلال تنظيم هذا الحدث الضخم، لكن بتضافر جهود اتحاد بلديات بعلبك والهيئات والفعاليات والجمعيات في المدينة، رأى هذا المشروع الضخم النور، مؤكدة استمراره سنوياً وتحوله مركز لقاء الفنانين والرسامين والنحاتين من أنحاء العالم، تحت فيء هذه المدينة العريقة التي ستبقى على الدوام ملتقى الحضارات.
مساحة لقاء وإشعاع
على مدى نحو 17 يوماً، رددت أرجاء بعلبك صدى أزاميل النحاتين وتزينت بألوان الرسامين وخطوطهم، فكانت عن حق العروس التي تبهر وتلهم وتستضيف في قلبها الإبداع من أنحاء العالم. على أرضها وبين أزقتها وقلعتها توزَّع الرسامون والنحاتون وأنجزوا أعمالاً ستبقى خالدة تماماً كما الأعمدة في ظل هذا التاريخ الأبي الذي يأبى إلا أن يسطر، مع توالي الأجيال، حكاية لا تنتهي فصولها عن عظمة الهياكل ورهبتها... فراحوا يعطون أجمل ما تفيض به مواهبهم الفنية، وتبادلوا بين بعضهم البعض الخبرات والأفكار. السمبوزيوم الذي نظم برعاية رئيس الجمهوريبة اللبنانية العماد ميشال عون، اختتم فعالياته بحفلة وزعت خلالها دروع تكريمية للمشاركين من أنحاء العالم، حضرها وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد في حكومة تصريف الأعمال نقولا تويني ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ووزيرا الصناعة والزراعة حسين الحاج حسن وغازي زعيتر، ورئيس اتحاد بلديات بعلبك نصري عثمان، وفعاليات المدينة وحشد من الفنانين التشكيليين والنحاتين... أكدت رئيسة جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت ديما رعد في كلمتها في الاحتفال «أن النحت والرسم أيضاً هما مقاومة للعدو الذي يستهدف وطننا ويعتدي على حقنا في الحياة، ونحن له بالمرصاد»، مؤكدة أن «بعلبك تستقبل حدثاً ثقافياً استثنائياً كهذا السمبوزيوم، حدثاً يشبهها، ينبع منها، حدثاً ثقافياً تأتي عناوينه من نحاتين من كل دول العالم كتظاهرة وهم يحملون فكرتهم، أزاميلهم وريشهم ويملؤون المكان بالحركة واللون». بدوره، اعتبر رئيس اتحاد بلديات بعلبك نصري عثمان أن هذا السمبوزيوم هو أحد المشاريع المهمة التي تضع المدينة على خارطة الثقافة والفن العالمي، لارتباطه بتاريخ المدينة الأثري وبأمم سابقة، فضلاً عن ربطه الماضي بالحاضر، ويسهم في تعريف العالم إلى مدينة مرّت عليها حضارات عريقة. أما الوزير الحاج حسن فشكر القيمين على الورشة الناجحة وقال: «رغم كل ما لدينا من ملفات عالقة، منها التنموية وغيرها وثقل حملها، انبرى نفر من أهل بعلبك، مثقفون وفنانون ومبدعون ومعهم من لبنان والعالم، وزملاء أصروا على أن نقيم سمبوزيوم للرسم والنحت لأننا نريد لمدينتنا مدينة الشمس والتاريخ أن تكون مدينة الحاضر والمستقبل في آن».محفز للتغيير
اعتبر الوزير نقولا تويني أن الفن القيم الذي رآه في هذه الورشة العظيمة هو محفز للتغيير ويتناسب مع الرقي الاجتماعي والمعرفي الذي وصل إليه لبنان وهذه المدينة العظيمة التاريخية التي تحتضن أطياف المجتمع المحلي، والمدينة المقاومة التي تحتضن اليوم ندوة فنية، ويمكن أن تكون انطلاقة جديدة لمنطقة بعلبك الهرمل.أضاف: «لبنان اليوم الرابع عالمياً في علوم الرياضيات والعلوم الحديثة وبإمكاننا أن نستعمل هذه المعرفة وننطلق لنجعل من بعلبك الهرمل منتدى اقتصادياً علمياً زراعياً صناعياً يتكفل بإلزام الأسواق العالمية والأوروبية بمنتج زراعي صناعي كما المنتج المعرفي، وأن يغزو البلاد المجاورة من الخليج إلى أوروبا، ويكون وضع بعلبك الهرمل ليس بالمدينة المنكوبة بل بمدينة تحتوي على مقومات الصناعة والزراعة والعلم».تابع: «علينا أن نسلك درب التغيير، وإزاء التحديات والأوضاع الاقتصادية المتردية في المنطقة ككل وكذلك في أوروبا وأميركا، أن نسير في نمط اقتصادي جديد، وبإمكاننا استثمار التراكمية المعرفية الموجودة في مجتمعنا ونجعل منه مجتمعاً منتجاً، ومن اقتصادنا اقتصاداً منتجاً لذلك اشتهي أن تبقى بعلبك مدينة التاريخ والمستقبل».سمبوزيوم الأطفال
للأطفال حصتهم في سمبوزيوم بعلبك الدولي للرسم والنحت، وذلك بالتعاون مع المركز الثقافي الفرنسي في بعلبك، بهدف التعرف إلى النحت والفن التشكيلي من جهة، وصقل من لديه الموهبة في الرسم والسيراميك والموزاييك وألعاب الدمى وتطويرها، فضلاً عن حث الأطفال على زيارة المتاحف ومعارض الرسم المنتشرة في أنحاء لبنان وإدخال هذه الثقافة العريقة إلى قلب المناهج المدرسية، فتكون الأجيال المستقبلية مسلحة بالعلم والثقافة والفن، وتستمر في حمل مشعل الحضارة الذي أورثه لها الأجداد منذ آلاف السنين.