يعقد مجلس الأمن الثلاثاء اجتماعاً ليناقش مجدداً الوضع في محافظة ادلب حيث تخشى الأمم المتحدة حدوث "أسوأ كارثة إنسانية" خلال القرن الحالي في حال شن النظام السوري هجوماً وشيكاً على المنطقة، آخر معقل للفصائل المعارضة والجهادية في البلاد.

ويفترض ان يعقد الاجتماع هذه المرة بطلب من روسيا التي تريد إطلاع المجلس على نتائج القمة الثلاثية التي عقدت الجمعة في طهران وأخفقت في التفاهم على حل سلمي في ادلب.

Ad

وقالت البعثة الروسية في الأمم المتحدة في رسالة خطية وجهتها إلى الرئاسة الأميركية لمجلس الأمن واطّلعت عليها وكالة فرانس برس "بناء على طلب عدد من أعضاء مجلس الأمن فإن البعثة الروسية تطلب من رئاسة (مجلس الأمن) عقد اجتماع الثلاثاء في الساعة 11,00 لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية الثالثة" بين ايران وتركيا وروسيا.

وأكدت الولايات المتحدة التي تتولّى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن خلال الشهر الحالي أن الجلسة ستعقد وستكون علنية.

ويعقد مجلس الأمن جلسته حول إدلب في وقت تزداد المخاوف من تداعيات هجوم وشيك من قوات النظام التي ترسل منذ أسابيع تعزيزات عسكرية الى المنطقة، قبل أن تصعد وتيرة قصفها بمشاركة طائرات روسية في الأيام الأخيرة.

ودفع تصعيد الغارات والقصف على ادلب ومحيطها أكثر من ثلاثين ألف شخص الى النزوح منذ مطلع الشهر الحالي وفق الأمم المتحدة.

وقال ديفيد سوانسون المتحدث الاقليمي باسم مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة ومقره عمان لوكالة فرانس برس عبر الهاتف الاثنين "نشعر بقلق عميق إزاء التصعيد الأخير في وتيرة العنف التي أدت الى نزوح أكثر من ثلاثين ألف شخص في المنطقة".

ووصلت غالبية النازحين بحسب الأمم المتحدة الى مناطق في شمال ادلب قريبة من الحدود مع تركيا. ويقيم 47 في المئة منهم حالياً في مخيمات بحسب سوانسون.

وشاهد مراسل فرانس برس يومياً خلال الأسبوع الأخير عشرات السيارات والحافلات الصغيرة محملة بالمدنيين مع حاجياتهم أثناء نزوحها من القطاع الجنوبي في ادلب.

ويقطن إدلب حاليا حوالى ثلاثة ملايين شخص، نصفهم من النازحين من مناطق أخرى، بينهم آلاف المقاتلين والمدنيين الذين تم إجلاؤهم من مناطق كانت تحت سيطرة مقاتلي المعارضة واستعادها النظام.

وعقد مجلس الأمن في نهاية الأسبوع الماضي اجتماعات عدة حول ادلب، بمبادرة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اللذين يأملان في تجنب هجوم عسكري واسع للنظام السوري من أجل استعادة السيطرة على هذه المحافظة. لكن هذه المناقشات لم تسفر عن نتيجة ملموسة.

وأخفق المشاركون في قمة طهران الثلاثية الجمعة في التفاهم على حل سلمي مشترك. فقد أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "حق" دمشق في استعادة السيطرة على كل الأراضي السورية ورفض وقفاً لإطلاق النار في المحافظة اقترحته أنقرة.

ودعا الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في مقال نشر الثلاثاء في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، موسكو وطهران، حليفتي دمشق، الى منع "كارثة انسانية" في إدلب.

واعتبر أن "واجب منع إراقة الدم لا يقع فقط على الغرب تتحمل ايران وروسيا مسؤولية مماثلة في تجنب هذه الكارثة الانسانية".

وتسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً المرتبطة بتنظيم القاعدة) على الجزء الأكبر من إدلب بينما تنتشر فصائل إسلامية أخرى في بقية المناطق وتتواجد قوات النظام في الريف الجنوبي الشرقي. كما أن هناك وجودا لهذه الهيئة والفصائل في مناطق محاذية تحديداً في ريف حلب الغربي (شمال) وريف حماة الشمالي (وسط) واللاذقية الشمالي (غرب).

وتخشى تركيا من أن يؤدي الهجوم الوشيك الى تدفق المزيد من اللاجئين الى أراضيها. وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في تصريح نقلته وكالة أنباء الأناضول الحكومية الاثنين إن "أولويتنا هي وضع حدّ في أقرب الآجال لكلّ الهجمات التي تجري من الجوّ أو البرّ وضمان وقف إطلاق النار والاستقرار" في إدلب.

وتسبب النزاع الذي تشهده سوريا منذ العام 2011 بمقتل اكثر من 350 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

على جبهة أخرى في شرق سوريا، قتل 21 عنصراً على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها في كمين نصبه تنظيم الدولة الاسلامية في آخر جيب يتحصن فيه في جنوب غرب سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان الثلاثاء.

وتسببت اشتباكات اندلعت اثر ذلك بمقتل ثمانية عناصر من التنظيم، وفق المرصد.

وتخوض قوات النظام منذ أسابيع اشتباكات ضد التنظيم في بادية السويداء، اندلعت اثر شنه سلسلة هجمات على مدينة السويداء وريفها في 25 تموز وتسببت بمقتل 260 شخصاً. وخطف التنظيم لدى انسحابه إلى مواقعه في البادية ثلاثين مدنياً، قبل أن يقدم لاحقاً على ذبح فتى ويعلن وفاة سيدة جراء مشاكل صحية.

ويقتصر وجود التنظيم الذي أعلن في العام 2014 إقامة "الخلافة الاسلامية" على هذه المنطقة وفي جيب صغير في البادية (وسط) وآخر في محافظة دير الزور (شرق). ويتعرض الأخير منذ الاثنين لهجوم تشنه قوات سوريا الديموقراطية بدعم من التحالف الدولي، ما تسبب بمقتل 27 جهادياً على الأقل، مقابل عشرة من قوات سوريا الديموقراطية، بحسب المرصد.

وأشار أحمد أبو خولة، قائد مجلس دير الزور العسكري التابع لهذه القوات لفرانس برس الثلاثاء الى وجود "قيادات كبيرة" في تلك المنطقة، مضيفاً "جميع قادة الصف الأول في هذا الجيب عراقيون" ويتولون ادارة المعارك.