المتنمرون!
![مسفر الدوسري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1507745577082709700/1507745592000/1280x960.jpg)
المتنمرون هم مخالب الأذى المسمومة، وأنيابه الحادة، هم فرقته الخاصة، والمستعدة لممارسة أشد أنواع الأذى، بشتى صوره المدمرة، وبكل بطريقة لا تنمُّ عن نفسٍ نقيّة، فعندما تهيأ الظروف لمتنمر ما المناخ المناسب لممارسة أبشع ما في داخله من لاإنساني، فلن يتردد لحظة في إظهار سيل القطران الذي يسيل في عروقه؛ يحقد بلا سبب ظاهر، يمتهن كرامة آخر بلا حق، يفجُر في خصومته، يذل من يشاء، ويرفع من يشاء! المتنمرون قتلة مأجورون، وهم أشد أذى من أولئك الذين يمارسون القتل جسديا، فربما وجد من يفعل ذلك ما يشرّع له القتل، ولو بحجة "الموت الرحيم"، إلا أن المتنمرين لا تحرّضهم سوى شهوة "الموت الرجيم"، وهي تحديداً الصفة الوحيدة التي جعلت لهم هذه المرتبة لدى الأذى. قد تكون تلك الصفة خافية حتى عن المتنمر ذاته عند اختياره، وقد لا تكون، إلا أنها في كلتا الحالتين لم تكن خافية عن الأذى عند "توظيفه". كان الأذى مدركا كل الإدراك أنه المختار، ليس سوى "ممشاشة زفَر"، وممسحة قاذورات تتباهى أمام مرآتها كل مساء، فيختاره ثم يتحيَّن الظرف الملائم للزج به في مهمة عمل ما، وكلما اتسعت رقعة الدائرة المظلمة حوله اشتد أذاه، واتسعت بقعة شرّه، إلى أن تطوله هو ذاته. وهذا السيناريو هو ذاته الذي يتبعه الأذى منذ الخلق. لهذا السبب، فإن باب القبول لديه مفتوح مدى الحياة، وعلى مدار الساعة لشغر هذه الوظيفة، وطلبات التقديم لها لا تُرفض، لأن مدة صلاحيتها قصيرة الأجل، ومصير شاغرها دائماً العفن... كالبيض الفاسد!