بكل بساطة، يمكن تعريف قوة التحمل بالقدرة على النهوض من الحضيض بسرعة كافية نسبياً بعد التعرّض لصدمة هائلة أو خيبات يومية أو انتكاسات معتدلة. لماذا تنجح امرأة في إنشاء مؤسسة لتمويل أبحاث السرطان بعد أسابيع قليلة على دفن شخص عزيز عليها بينما تمضي امرأة أخرى سنوات طويلة وهي تتذمر من عدم تلقيها ترقية في العمل؟ إذا نظرتَ إلى الناس في حياتك الشخصية أو في مكان عملك، تلاحظ أن بعض الأشخاص يتمتّع بكل بساطة بقوة تحمّل إضافية. لكن هذه الميزة ليست وراثية ولا نكتسبها بالضرورة من أهالينا، مع أن دعم الراشدين الذي نحظى به خلال حوادث الطفولة الصعبة يؤثر في ما يبدو بطريقة تعافينا من التجارب السلبية في مراحل لاحقة من حياتنا.
تشير قوة التحمّل إلى مجموعة آليات تكيفية نطوّرها مع مرور الوقت، واكتشفت الأبحاث في مجال علم النفس الإيجابي أن هذه الميزة تتحدد جزئياً بطريقة اعتنائنا بنفسنا وبالأشخاص الذين نحيط نفسنا بهم وبما نفعله لإيجاد معنى حياتنا وغايتها.عملياً، يمكننا التحكم بقوة تحملنا عموماً، إذ يُقال إن نسبة 40 % من سعادتنا الإجمالية لا تشتق من ظروفنا أو جيناتنا، بل من أفعالنا، وتشكِّل قوة التحمل جزءاً منها. صحيح أن الفرق كبير بين تجاوز مشاكل بسيطة مثل تعطّل غسالة الأواني وبين استرجاع السعادة بعد التعرض لأزمة عاطفية حادة، لكن تُستعمل التقنيات نفسها في الحالتين. نستكشف في ما يلي كيفية تقوية الذات وتحضيرها للنجاح بغض النظر عن الظروف المستجدة.
اكتسب عقلية إيجابية
للعودة إلى مسار إيجابي، تقضي إحدى التقنيات بإعادة صياغة الكلام الذاتي السلبي (التكلم عن وقوع كارثة، أو لوم الذات، أو لوم الآخرين، أو تبني تفكير انهزامي).على سبيل المثال، استبدل بعبارة «تأخرت! أعرف أن رب عملي الجديد سيعتبرني غير جدير بالثقة» عبارة «ما كنت لأتوقع تعطّل سيارتي مسبقاً. يمكنني أن أثبت له أنني لستُ فاشلاً عبر اقتراح المشاركة في الاجتماع عن طريق الهاتف»، أو استبدل بعبارة «فاض الماء في مطبخي، لا أعرف ما النفع من محاولة ادخار المال!» عبارة «ادخرتُ المال كي لا أصبح مديوناً حين يقع حادث طارئ. إنها خطوة ذكية مني»، أو استبدل بعبارة «أنا المسؤول عن هذا الانفصال لأنني أختار أشخاصاً فاشلين دوماً» عبارة «لن أشعر بالتحسن حين ألوم نفسي أو ألوم الشريك السابق. ما كانت المؤشرات التحذيرية التي يمكنني التنبه إليها في المرة المقبلة؟».عادات تكيفية تحميك
من خلال التعرف إلى الآثار الفسيولوجية التي يُسببها الضغط النفسي، يستعدّ كل من جسمك وعقلك للتجاوب مع جهود تطوير قوة تحملك.احرص على النوم
خلال فترة النوم العميق، يغربل الدماغ الأفكار والتجارب المرتبطة باليوم السابق ويرتبها، ما يسهم في إنعاش نظرتك إلى الأمور ويُسهّل عليك حلّ مشاكلك. يسمح النوم أيضاً بتقوية المناعة ومن الأسهل أن تتماسك عاطفياً إذا لم تكن ضعيفاً أو طريح الفراش. لذا حاول أن تنام لسبع أو ثماني ساعات كل ليلة.حرّك جسمك
تؤدي ممارسة التمارين الجسدية طوال 30 دقيقة يومياً إلى إطلاق هرمونات الأندورفين المرتبطة بالسعادة، فضلاً عن حمض الغاما-أمينوبيوتيريك، الناقل العصبي الذي يهدئ التفكير السلبي. ستسمح لك هذه العوامل مجتمعةً بتجاوز الفترات الصعبة. تكشف الدراسات أيضاً أن التمارين الجسدية المنتظمة تُحسّن المزاج وقد تعزز فاعلية علاج الاكتئاب وتسمح لك بالحفاظ على نظرة إيجابية.تنفّس بعمق
التأمل بسيط بقدر التركيز على عامل واحد مثل التنفس أو كلمة مهدّئة. تذكر الأبحاث أن ممارسته بانتظام تُقلّص حجم اللوزة الدماغية، ما يؤدي إلى تراجع الضغط النفسي أو حتى تغيير النشاط الكهربائي في الدماغ، وسرعان ما تزيد درجة يقظتك وهدوئك نتيجةً لذلك. ستحتاج إلى هذا الشكل من تصفية الذهن خلال الأزمات الصعبة.
استهلك ما يكفي من الطعام
يحتاج جسمك، مثل أي محرك آخر، إلى مصادر للطاقة. لذا يستعمل مخزون الطاقة فيه لتلبية حاجاته الأساسية حين يفتقر إلى الطعام، من ثم قد يصبح بعض أجزاء دماغك جائعاً. يحتاج الدماغ إلى 20 % من السعرات الحرارية المستهلكة على الأقل لحل المشاكل بفاعلية، لذا احرص على تناول ثلاث وجبات رئيسة أو خمس وجبات صغيرة كل يوم أو استهلك كل ما يضمن الحفاظ على توازنك.