أزمات... صناعة حكومية
أثارت الحكومة خلال الأيام الماضية السخط والغضب من خلال اتخاذها عدداً من القرارات "المستفزة" وفشلها في حل أزمات عاصفة ومتكررة أضرت شريحة كبيرة من المواطنين وأظهرت جلياً أن الفساد ينخر في معظم الوزارات والمؤسسات وأن التصريحات التي يرددها عدد كبير من المسؤولين مجرد شعارات براقة لا وجود لها على أرض الواقع.ويأتي في مقدمة الموضوعات التي أشعلت الغضب ضد الحكومة قرارها المتعلق بإلغاء صرف دعم العمالة الوطنية بأثر رجعي اعتباراً من تاريخ التسجيل لدى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بحيث لا يتم احتساب الأثر الرجعي للحالات المتقدمة لصرف الدعم، ولو كان خلال نفس السنة المالية المطالب بالصرف عنها. وهذا القرار يهضم حقوق الكثير من العمالة الوطنية التي بدلاً من أن تشجعها الحكومة على العمل في القطاع الخاص تضع العراقيل أمامها وتدفعها إلى البطالة والجلوس في المنزل، كما أن الحكومة تركت دكاكين بيزنس العمالة الوطنية التي تتاجر بها وتأخذ منها عمولة شهرية للعمل لديها وتسجيلها في القوى العاملة، واتجهت إلى العمالة المغلوبة على أمرها والحلقة الأضعف وسط تقلبات القطاع الخاص الذي يعاني الكثير من الأزمات.
من المشاكل التي ظهرت أيضاً ووضعت الحكومة في مأزق عدم جاهزية الكثير من المدارس لاستقبال الطلبة في العام الدراسي الجديد، حيث ظهرت أزمة التكييفات ونقص الخدمات والمعلمين وتكدس الطلبة في الفصول، ورغم إحالة عدد من وكلاء وزارة التربية ومديري المناطق التعليمية إلى التحقيق، إلا أن المتعارف عليه إذا كنت تريد وأد أي قضية فعليك أن تحيل فيها عدداً من المسؤولين إلى التحقيق وتشكل لها لجاناً، إلى أن ينسى الناس، ولا يتم كشف الحقيقة أو معاقبة أحد، ولنا في ذلك خبرات كثيرة في قضايا مشابهة.أيضاً ظهرت في الجامعة مشكلة قديمة جديدة تتكرر كل عام وهي مشكلة الشعب المغلقة التي تهدد مستقبل مئات الطلبة وتؤخر تخرجهم سنوات طويلة، وفي كل عام نسمع من المسؤولين أن المشكلة سيتم حلها ولكن دون جدوى ليظل أبناء الكويت أجيالاً وراء أجيال يعانون هذه المشكلة دون أن يكون هناك حل في الأفق، خصوصاً في ظل تخبط مشروع جامعة الشدادية وعدم الانتهاء منه وعدم التوجه لإنشاء جامعات جديدة.وأحدث المشاكل التي أغضبت المواطنين من الحكومة واقعة وفاة الطفلة درة الحرز نتيجة خطأ طبي لم يتم معرفة من المتسبب فيه وهل تمت معاقبته أم لا؟ ورغم أن وزارة الصحة تحركت وشكلت لجنتين للتحقيق، فإن تكرار هذه الحوادث في الفترة الأخيرة يهدد أرواح الأبرياء في ظل عدم محاسبة المقصرين في المرات السابقة، ويحتاج الأمر إلى سن قوانين رادعة تمنع تكرار مثل هذه الحوادث المأساوية... والله المستعان.