في العصر الذي نحياه، كَثُر المدعون والمنتسبون زوراً وتدليساً إلى مهن ووظائف هم أبعد ما يكونون عنها، معرفة وعلماً وثقافة، والمصيبة الكبرى أن يدّعي أحدهم مثلاً أنه طبيب، وهو طالب فاشل مفصول من كلية الطب، والطامة الأكبر أن يتمكن من ممارسة "المهنة" فيشخّص ويعالج!القياس نفسه على وظيفة المهندس الذي يبني المنشآت، والمعلّم الذي يبني العقول... و.. و...
وفي مثل هذه الوظائف المرتبطة بحياة الإنسان ومعيشته، لا تصح بالطبع الدعابات ولا التهريج، ولا ينبغي التساهل مع مدعيها، والمنتسبين إليها بغير وجه حق. غير أن كثيراً مما يحدث لهؤلاء المنتسبين زوراً إلى مهنة ما يدخل في عداد الطرائف التي لا تنسى... من هذه المواقف ما رواه الصديق الشاعر والكاتب المصري أشرف البولاقي، في كتابه الساخر "رسائل ما قبل الآخرة"، والذي أهداني نسخة منه، فيقول: "الشاعرة... عضوة اتحاد كتّاب مصر، ذات الدواوين الخمسة الشعرية الفصيحة، وضيفة أمسيات وندوات هيئة الكتاب وقصور الثقافة كتبت لي رسالة نصها: "منذو عشرون عام قرأتُ لحضرتك قصيدتان لم أنساهما أبدن"....!!).ولا أستطيع بالطبع نشر رده عليها هنا!هذه التي من المفترض أنها شاعرة وأصدرت دواوين خمسة، وعضو اتحاد كتّاب، تخطئ ستة أخطاء لغوية ونحوية في عبارة لم تتجاوز تسع كلمات... لو أمليت على طالب في الخامس الابتدائي لكتبها برسمها الصحيح المفترض "منذ عشرين عاماً قرأتُ لحضرتك قصيدتين لم أنسَهما أبداً"... فماذا عساها قد صنعت في دواوينها الخمسة؟! مثال آخر يدخل في هذا الباب، ما حدث لمصحح "غلبان" في إحدى الصحف، حينما توقف فجأة وهو يصحح خبراً على شاشة الكمبيوتر، وقد فغر فاه، وحكّ رأسه، وهرش في جنبه، وسأل زميله: يا فلان، تعال اقرأ هذه الكلمة "بُرُعُنْ"... ما هذه الكلمة الغريبة؟! كانت الجملة "النساء في الماضي بَرَعْنَ في حياكة الملابس......" بالطبع الكتابة كانت من دون تشكيل!قرأنا، صغاراً، كتاب نوادر البخلاء للجاحظ، فهل سنقرأ - كباراً - كتاباً عن "نوادر الدخلاء"؟!
مقالات - اضافات
نوادر «الدخلاء»!
15-09-2018