قال "الشال" إن د. طارق الدويسان أصدر كتابا تحت مسمى "التنمية في الكويت"، يبدأ بجملة "لن يمكنك تحسين ما لا يمكنك قياسه"، ويعرض لـ12 مؤشرا، هي ركائز أي مشروع تنموي، ويخلص إلى أن القياس يوحي بأن الكويت متأخرة في معظمها. وقد أوضحت تفاصيل الكتاب، أن الكويت إذا أرادت تحسين فرص نجاح مشروعها التنموي، فعليها اللجوء إلى تحسين موقعها في تلك المؤشرات القابلة للقياس، وما عدا ذلك، يظل المشروع مجرد جهد إنشائي.

وأضاف التقرير: "نعتقد بصحة ما ذهب إليه الكاتب، وهو جهد يُشكر عليه، وسوف نحصر اهتمامنا في فقرتنا على مؤشره الأول، أو موقع الكويت في مؤشر مدركات الفساد"، وقد جاءت تفاصيل التقرير على النحو التالي:

Ad

الفساد، هو النمل الأبيض، أو الأرضة، لا تستقيم أساسات البناء إذا نصبت على قواعد تسكنها وتقتات عليها تلك الآفة، والتطور التاريخي لوضع الفساد في الكويت يوحي بأنه تحوَّل إلى وباء يزداد استشراؤه بمرور الزمن.

بدأ مؤشر مدركات الفساد بالصدور عام 1995، وهو مؤشر محايد، وله صدقية عالية، وشمل المؤشر الكويت ضمن الدول التي يغطيها منذ عام 2003، حينها كانت الكويت أقل فساداً بكثير، وحققت 53 نقطة من أصل 100، وكانت في الترتيب 35 ضمن الدول المغطاة في المؤشر.

لكن، بعد 6 سنوات، أي في 2009، انخفضت الدرجة التــي حققتهـا إلـى 41 مـن أصـل 100، وأصبحـت فـي الترتيب 66 ضمن الدول المغطاة في المؤشر، وربما كان ذلك، لأنها سنة بدء رشاوى النواب.

أفضل درجة حققتها بعد ذلك كانت 49 نقطة عام 2015، وكانت السنة التالية لانهيار أسعار النفط، ولا نجزم بوجود علاقة بين الأمرين، وحسنت ترتيبها بين الدول المغطاة في المؤشر من الترتيب 69 عام 2014، إلى الترتيب 55 في 2015.

ذلك لم يدم طويلا، ففي عام 2016 عادت إلى تحقيق نفس مستوى النقاط الأدنى الذي حققته عام 2009، أو 41 نقطة من أصل 100، وفقد ترتيبها ضمن دول المؤشر 20 مركزا في عام واحد، ليرتفع ترتيبها إلى الدولة رقم 75.

ولم يتوقف الانحدار عند ذلك الحد، فحصيلة نقاط عام 2017 كانت الأدنى خلال السنوات الـ 15 الفائتة، حيث حصدت 39 نقطة فقط، وتخلف ترتيبها ضمن دول المؤشر إلى الترتيب 85، فاقدة 10 مراكز أخرى عن مستوى عام 2016.

وللأسف، كل مؤشرات التنمية الأحد عشر الأخرى الواردة في الكتاب لا يمكن تحقيق تقدم فيها ووباء الفساد يستشري، حتى لو حدث بعض التقدم غير المستدام لعام 2018، فقد سبق أن تحقق ذلك عام 2006 (48 نقطة)، وفي عام 2015 (49 نقطة)، فلن يكون سوى تحسن مؤقت.

فمؤشرات مثل التنمية البشرية أو المساواة ضمن الجنس أو بين الجنسين، أو كفاءة الأداء الحكومي أو الابتكار وغيرها، كلها مرتبطة بنظافة وكفاءة الإدارة العامة، وذلك لا يتحقق بالتعايش مع هذا المستوى من الفساد.

لقد كادت تضيع معظم إنجازات ماليزيا عندما استشرى فساد إدارتها العامة، لولا ثورة مهاتير محمد أخيرا، وكانت أولى خطواته بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة؛ تغيير تلك الإدارة، والحكومات ليست سوى إدارات تكافأ وتعاقب وفق أدائها، وقمة خطاياها هي التسامح مع استشراء الفساد.