قبل تراجع قوته ليتحول إلى عاصفة استوائية لا تزال قادرة على إحداث دمار هائل، حصد الإعصار فلورنس خامس ضحاياه على ساحل المحيط الأطلسي شرق الولايات المتحدة، إذ رافقته رياح عنيفة وأمطار غزيرة، في حين تبذل السلطات جهودا حثيثة لإسعاف عشرات السكان العالقين، مع ارتفاع منسوب المياه المتواصل إلى ثلاثة أمتار أمس.

وحلّت عين الإعصار بالقرب من رايتسفيل بيتش في كارولاينا الشمالية، أمس الأول، قرابة الساعة 07:15 (11:15 ت غ) ترافقها رياح بسرعة 150 كلم في الساعة، بحسب المركز الوطني للأعاصير، وبلغت كارولاينا الجنوبية بعدها بقليل.

Ad

إلا أن حدة «فلورنس» تراجعت بعد الظهر، وبات عاصفة استوائية مع رياح بسرعة مئة كلم في الساعة، بحسب نشرة المركز عند الساعة 23:00 (03:00 ت غ).

لكن السلطات، التي فرضت حظر تجول في العديد من المناطق على الساحل الأطلسي لمنع حصول عمليات نهب، قلقة إزاء حجم الإعصار وتقدمه البطيء جداً، 7 كلم في الساعة، في أماكن تشهد أمطاراً غزيرة، ووجهت تحذيرات عدة من حصول فيضانات مفاجئة.

وصرح حاكم ولاية كاليفورنيا الشمالية روي كوبر، في مؤتمر صحافي، «نتوقع أمطاراً لعدة أيام في حدث فريد»، متابعاً: «أولويتنا هي إبعاد الناس عن الخطر المباشر، ولا نزال في خضم العاصفة، وإذا لم تصل اليكم بعد فذلك سيحصل».

فيضانات كارثية

وحذر المركز الوطني للأعاصير من مد عال ليل الجمعة- السبت على الساحل، ومن «فيضانات كارثية متوقعة في كارولاينا الشمالية والجنوبية».

ومن المتوقع أن يقارب منسوب المياه في الأنهر، وأن يتجاوز مستويات قياسية وأن يفيض في مناطق عدة في الولايتين الواقعتين في جنوب شرق الولايات المتحدة.

ومن المفترض أن تتقدم العاصفة أكثر نحو داخل الولايات المتحدة، قبل أن تحيد اليوم نحو الشمال، بحسب مركز الأعاصير، بعد «تراجع حدتها بشكل كبير».

وفي كارولاينا الشمالية، تعرضت مدينة نيو بيرن البالغ عدد سكانها 30 ألف نسمة، وحيث يلتقي نهرا نيوز وترنت، لفيضانات مفاجئة ليل الخميس- الجمعة، مما أدى إلى شل حركة المئات من الأشخاص.

وأكد كوبر أن «فرق الإغاثة قدمت المساعدات لمئات الأشخاص في نيو بيرن، وبذل المسعفون كل الجهود لإخراج الاشخاص الذين يحتاجون إلى ذلك».

خسائر ويلمنغتون

وفي مدينة ويلمنغتون الساحلية بكارولاينا الشمالية، اقتلعت العاصفة أشجاراً، وقلبت لافتات وحطمت واجهات، كما انفجر العديد من المحولات الكهربائية.

وأوقعت الرياح العنيفة عدداً من الضحايا؛ فقد أعلنت الشرطة قبل يوم مقتل امرأة وطفلها بسقوط شجرة على منزلهما، بينما أصيب الوالد بجروح ونُقل إلى المستشفى. وعمل رجال الإطفاء طوال اليوم أمام المنزل الذي انهار أحد جدرانه بالكامل من قوة الصدمة.

وتوفيت امرأة أخرى كانت تعاني المرض، لأن الإسعاف لم يصل إليها بسبب الأشجار التي كانت تعترض الطريق، بحسب متحدثة من منطقة بيندر. وقالت وسائل إعلام محلية إنها توفيت نتيجة أزمة قلبية.

وقال كوبر، في بيان، إن شخصاً آخر قتل في منطقة لونوار عندما كان يشغّل مولدا كهربائيا. وأوردت وسائل إعلام محلية أن رجلا في الـ77 توفي في المنطقة نفسها، بعد أن جرفته الرياح.

طوارئ وتعبئة

ورغم دعوة السلطات لنحو 1.7 مليون شخص إلى الاحتماء في الملاجئ، بعيدا عن الساحل، فإن كثيرين لم يمتثلوا للتوجهيات، وقد حُرم نحو 800 ألف من الكهرباء، مساء أمس الأول، في كارولاينا الشمالية البالغ عدد سكانها عشرة ملايين نسمة، بحسب أجهزة الطوارئ.

وأوضح جيف بايارد مسؤول الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ، التي قامت بتعبئة 1200 شخص للمشاركة في عمليات البحث والإنقاذ، أن بعض مناطق الفيضانات خطيرة جداً «لتدخل المسعفين». ويقوم متطوعون بتقديم المساعدات، على غرار مجموعة «كاهون نيفي» البحرية القادمة من ولاية لويزيانا.

وأعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز أن الرئيس دونالد ترامب سيتوجه إلى المناطق المنكوبة «في مطلع أو منتصف الأسبوع المقبل»، مشيرة إلى أنه يرغب أولاً في التأكد من أن زيارته لن تعوق جهود أجهزة الإنقاذ.

إعصار «مانغكوت»

وعلى الجهة المقابلة، ضرب إعصار «مانغكوت» البالغ القوّة، أمس، شمال الفلبين، مصحوباً برياح عاتية وأمطار غزيرة تُهدّد ملايين السكّان.

والعاصفة، التي وصفها خبراء الأرصاد بأنها أعنف إعصار يضرب الأرخبيل هذا العام، تسبّبت في اقتلاع الأشجار وتدمير الأسطح وانقطاع الكهرباء.

وقبل ساعات من وصول «مانغكوت»، رفعت الفلبين، أمس الأول، مستوى التحذير من العاصفة، وحذرت من دمار واسع .

وقام سكان لوشن كبرى جزر الفلبين، حيث يعيش ملايين الأشخاص، بتحصين نوافذهم وسطوح منازلهم لتفادي اقتلاعها أثناء العاصفة.

وهناك ما لا يقل عن أربعة ملايين شخص على المسار المباشر للإعصار، الذي يتوقع أن يتجه لاحقاً إلى جنوب الصين وهونغ كونغ.