بإدانة مشددة للسفاهات التي أطلقت بحق سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد بعد زيارته الأخيرة لواشنطن، من فم أحد الإعلاميين اللبنانيين خلال لقاء له بقناة «المنار» التلفزيونية، انتفض لبنان أمس على أكثر من صعيد، مستنكراً على لسان رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري تلك الادعاءات، وواعداً باتخاذ جميع الإجراءات بحق المسيء، في وقت أكد تيار المستقبل أن هذا الكلام يعد تطاولاً على قامة عربية كبيرة، ودولة شقيقة لم تبخل يوماً على لبنان واللبنانيين بكل أشكال الدعم.

وأعرب الحريري، خلال استقباله السفير الكويتي في بيروت عبدالعال القناعي أمس، عن رفضه أي تطاول على الكويت وأميرها «الذي نكنّ له كل احترام وتقدير، ونحفظ له في قلوبنا مكانة خاصة، لما له من تاريخ مشرف في الوقوف إلى جانب اللبنانيين في السراء والضراء».

Ad

واعتبر أن ما حصل «كلام خارج المناخ الوطني اللبناني المجمع على أفضل العلاقات مع الكويت وسائر الإخوة العرب»، مبيناً أن القضاء اللبناني «يحقق في هذا الأمر لتطبيق القانون».

من جهته، رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري أي إساءة للكويت وأميرها، معتبراً ذلك مرفوضاً ومداناً بكل المقاييس.

وصرح بري بأن «اللبنانيين سيحفظون على الدوام للكويت أميراً وشعباً وحكومة ومجلس أمة أياديهم البيضاء التي امتدت للبنان في أيام الشدة والرخاء»، مضيفاً: «لن نسمح لأحد بأن يعكر صفو علاقة تاريخية وأخوية بين بلدين جمعهما ويجمعهما فعل الخير والمحبة والثقة ولا أن يفرقهما شيء».

بدورها، استنكرت الدائرة الإعلامية في حزب «القوات اللبنانية»، في بيان أمس، التعرض لسمو الأمير، معتبرة ذلك «محاولة لتشويه من قدَّم للبنان من دون منة ومقابل»، مطالبة القضاء اللبناني «باتخاذ الإجراءات المناسبة لكي لا تتكرر مثل هذه الواقعة».

في السياق، كلّف النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمّود المباحث الجنائية المركزية بتفريغ مضمون المقابلة المسيئة إلى الكويت، والتي أجراها الصحافي سالم زهران، وذلك تمهيداً لإجراء المقتضى القانوني.

وقالت هيئة شؤون الإعلام في «تيار المستقبل» إنه «في إطار الحملات التي تستهدف الدول العربية الشقيقة والإساءات المتعمدة لقياداتها، فتحت إحدى الشاشات التلفزيونية الجمعة الهواء لإعلامي من خريجي المخابرات السورية، كي يتولى الإساءة إلى دولة الكويت وأميرها، ويتناول السعودية بصفات على قياس أفكاره وأخلاقه».

وأضافت الهيئة، في بيان أمس، أن التيار «يدين تصرفات هذا الإعلامي الدنيئة، ويعتبرها تطاولاً على قامة عربية كبيرة، وعلى دولة شقيقة لم تبخل يوماً على لبنان واللبنانيين بكل أشكال الدعم المعنوي والمادي والسياسي، ويضع هذا التهجم الأرعن، وسلوك المنابر الإعلامية والسياسية التي تجيز لنفسها توجيه سهام الغدر لدول الخليج العربي وقادتها، في عهدة القضاء اللبناني، الذي لا يصح أن يتخلف عن وضع حدٍ لألسنة السوء والمتلاعبين بمصير العلاقات اللبنانية – العربية».

وذكرت أن «الإساءة إلى أمير الكويت لا تصيب دولة عربية شقيقة فحسب، بل تصيب كل لبناني شريف يعرف مكانة ودور هذا الرجل الكبير، الذي كان يضع دمه على كفه، ويأتي إلى لبنان في أصعب الظروف ليصنع السلام بين أبنائه، ويشارك معهم في بناء ما دمّرته الحروب»، مؤكدة أن انبراء «إعلامي من صنف السفهاء ليقول ما قاله على الشاشة، ويتوجه بالإهانة إلى كل الكويتيين أمر غير مقبول، ويستدعي تحركاً قضائياً واعتذاراً صريحاً من أولياء نعمته والخيوط التي تحركه لسب كرام العرب وأشرف الناس».

من جهته، أكد السفير القناعي، بعد لقائه الحريري، أن صاحب السمو «قامة وهامة عربية ودولية إسلامية رفيعة، لا تلتفت إلى الصغار وصغائر الأمور»، مبيناً أن رئيس الوزراء المكلف أعرب عن استنكاره واستيائه الشديد من تلك الادعاءات، ووعد باتخاذ الإجراءات الكفيلة بردع هذا المدعي عن ادعائه وغيه.

وتوجه القناعي بشكره الجزيل إلى كل الهيئات السياسية والمؤسسات الإعلامية اللبنانية التي استنكرت ونددت بتلك الإساءات بحق الكويت وأميرها، الذي لم يبخل يوماً ببذل كل ما هو ممكن لتعضيد وتدعيم العلاقات العربية، وخصوصاً مع لبنان، لافتاً إلى أن ما يسعد الكويتيين أن ردود الفعل على هذا المدعي جاءت من لبنان أكثر من أي جهة أخرى.

وأشار إلى أن علاقة الكويت بلبنان تاريخية متجذرة راسخة، بنيّت على قواعد وأصول سليمة، لذا لا يمكن أن تتأثر بصغائر المدعين والمتحزلقين، المعروف هدفها، ومن هو مدعيها، مبيناً أن الجميع يعرف أن هذا الشخص «تابع لمتبوع، وكلما تأزم المتبوع أوحى إلى تابعه بالنفخ في العلاقات العربية- العربية».

أما على الصعيد الكويتي المحلي، فبلغ الاستياء مبلغه، حيث دانت جموع المواطنين تلك الإساءات إلى سمو أمير الإنسانية، في وقت أعربت وزارة الإعلام عن استنكارها الشديد لذلك التطاول والادعاء الذي ورد على تلك القناة التابعة لـ «حزب الله».

وأكدت الوزارة، في بيان صحافي أمس الأول، أن «ما أورده هذا الإعلامي يمثل افتراء وادعاء وتزييفاً للحقائق وتضليلاً للرأي العام بادعاءات صاغها بعيداً عن الواقع، تشمل إساءات تكشف عن نوايا شريرة ومقاصد خبيثة لن تنال من العلاقات الأخوية والتاريخية بين لبنان والكويت، ولن تعكر صفو هذه العلاقات أبداً».

خليجياً، علق الوزير الإماراتي المكلف الشؤون الخارجية أنور قرقاش على المقابلة المسيئة بأن «أمير الكويت رمز خليجي رسمي وشعبي، وهو الذي تميّز بمواقفه الاستثنائية»، لافتاً إلى أن «التطاول على شخصه من قناة حزب الله يؤكد ضرورة التزام لبنان بسياسة النأي بالنفس».

وأكد قرقاش، في تغريدة بـ«تويتر» أمس، أنه «آن الأوان لوضع حدّ لهذه التجاوزات ضد الخليج وقادته من قلّة تغلّب مصلحة طهران على بيروت».

نيابياً، تسابقت ردود الفعل الغاضبة لتعلن استنكارها لما ذكره أحد الإعلاميين على قناة «المنار» التلفزيونية اللبنانية، مطالبة الحكومة باتخاذ إجراءات فورية ورادعة لمواجهة إساءات القناة إلى الكويت.

وأكد النائب محمد هايف، في تصريح، أن «قناة حزب الشيطان تسيء إلى سمو أمير البلاد، ولا يكفي الاستنكار من وزارة الإعلام ما لم تتخذ إجراءات بإغلاق مكاتبها ومنع مراسليها من دخول البلاد، مع اتخاذ كل الإجراءات القانونية ضد من اختلق هذه الإساءة والافتراءات ومن يقف خلفها».

وبينما اعتبر النائب د. عبدالكريم الكندري أن تلك الإساءة تؤكد أن سياسة سموه مؤلمة للبعض، وأنها في الطريق الصحيح لمصلحة الكويت والمنطقة، مطالباً «الخارجية الكويتية» بالتصدي لهذه القناة وإعلامييها، «وعلى الحكومة اللبنانية الاعتذار للكويت»، شدد زميله أسامة الشاهين على أن ذلك التطاول مرفوض جملة وتفصيلا»، داعياً الحكومة لاتخاذ عقوبات فورية رادعة.

أما النائب علي الدقباسي، فصرح بأن «المطلوب اتخاذ إجراءات فعلية للرد على وسيلة الفتنة والضلال، والتي بدلاً من أن تذكر معروف صاحب السمو بحق بلادها سنوات طويلة راحت تجحده وتتطاول على سموه بالكذب والتلفيق»، مؤكداً أنه «غني عن البيان أنها لا قناة ولا إعلامية، بل مركز مخابرات مأجور ينطق بالعربية».

بدوره، طالب النائب ماجد المطيري باتخاذ جميع الإجراءات القانونية والسياسية الحازمة ضد القناة وكل من يقف خلفها، داعياً وزارة الإعلام إلى إغلاق مكاتبها ومنع مراسليها من دخول البلاد.

من جانبه، اعتبر النائب صالح عاشور كلام زهران إساءة للبنان والكويت، وسقطة سياسية صارخة لابد من الاعتذار عليها، «وخاصة أن المعني بها الكويت ورمزها صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، الذي يقف العالم احتراماً له ولمواقفه الإنسانية».