هذايل الحوقل وحكاية جامع الصدّف
تقتحم الكاتبة الشابة هذايل الحوقل عالم السرد بعمل جميل أطلقت عليه «صديقي جامع الصدف»، يلفت انتباهك من الوهلة الأولى لتميزه في الإخراج المهني، مع لوحة الغلاف المُعبرة والرسوم الداخلية بريشة عهود الحوقل التي تتوافق مع المضمون المُتميز والهادف.
قد يكون «صديقي جامع الصدف» أول عمل سردي للكاتبة هذايل الحوقل في مجال القصة والرواية، إلا أنه إصدار مُتميز خرج عن دار «آفاق للنشر» في الكويت بطبعته الأولى عام 2018.ربما يأخذك التأمل، هل الكتاب قصة أم رواية؟ هل هو موجه إلى الطفل أم إلى الكبار؟ لكن عندما تُبحر في مادة الكتاب تطرح مسميات عدة، من بينها راوية قصيرة، أو قصة طويلة... وهو بحكم كتاب الجيب لا يتعدى 42 صفحة من الحجم الصغير، والكاتبة حسمت الأمر إذ أشارت في بداية العمل: «الكتاب للناشئة».وقعت في حيرة وأنا أعبر في رحلة القراءة للمرة الثالثة، إذ أجادت الكاتبة حبكة سير الأحداث مع تشويق إلى آخر صفحة. اللغة جميلة وواضحة من دون غموض. لدى الكاتبة موهبة النفس الطويل في سبر الأحداث، وهذا يؤهلها لاقتحام عالم الرواية بقوة ويسر.
سؤال يُطرح
لكن قد يُطرح السؤال المُحير: هل الكتاب مخصص للطفل؟ وهذا ما كنت اعتقد تهدف له هذايل عندما خصصته للناشئة، إلا أنك كقارئ تكتشف أنه صالح للأعمار كافة، فلغته قد لا تُناسب من هم دون السابعة من العمر وقد تُناسب من هم أكبر من ذلك بكثير. وفي آخر الكتاب ملامح نفس توجيهي، كان من الأفضل لو استبعد. يراقب بطل الكاتبة الشاب «نائل» جاره يومياً، محاولاً فهم لماذا يجمع كل صباح الأصداف من ساحل البحر، ما يزعج أسرته. تأخذك الكاتبة في أسلوب مُحكم وواضح في رحلة البحث عن يوميات «جامع الصدف» أو كما أطلقت عليه «جامع»، ومحاولة التوغل في حياته حتى آخر صفحة، مع ترك ملامح غموض تدفعك إلى انتظار تكملة للعمل.عندما تحاول أن ترصد المكان في العمل لا تكتشفه، فهل هو في الكويت أو الخارج؟ لكن كما يبدو أن الكاتبة تود أن يخرج العمل من أسوار المكان المُحدد ليكون في أي مكان هنا، أو حتى عبر أسوار عالمنا الشرقي المحدد.للسرد لغة
تعمل الكاتبة هذايل الحوقل في مؤسسة ثقافية، لذا هي ليست بعيدة عن الجو الثقافي، وقد وجدت أن يخرج عملها إلى النور مساهمة في حركتنا الثقافية ولكن بأسلوب جديد. قد يكون الكتاب أو الكتيب صغير الحجم وربما لا يلفت انتباه من يتردد على رفوف المكتبات ويضيع بين الإصدارات الأخرى، إلا أن مضمونه مشوق وهو حتماً سيلفت الانتباه. ولكن نتمنى لو كان بحجم أكبر وبحروف أكثر بروزاً.لنُقرب القارئ إلى العمل نقدم نموذجاً للغة السرد التي جاءت في صفحات الكتاب، كتبت هذايل الحوقل: «كم هو مزعج صوت بوق سيارة أبي، يقطع أفكاري ويعجل حركتي»، و«لكنني هذه المرة حرصت على أن أبرر لهم سبب فضولي محاولاً كشف حقيقة ذلك الفتى جامع الصدف»، و«في مساء ذلك اليوم وبعد تناولنا العشاء صاحت أمي باسمي من المطبخ، هرعت إليها وإذا بها تقف أمام النافذة مندهشة، اقتربت منها لأرى ما تراه فإذا بجامع الصدف...».تهنئة خالصة لهذايل الحوقل بعملها الجديد، ونتمنى لها السير بثبات في عالم السرد لتساهم في حركتنا الثقافية بعطاء آخر جديد، وتصبح أحد الأسماء البارزة التي نفخر بها بأذن الله.
الكتاب صغير الحجم وربما يضيع بين الإصدارات الأخرى إلا أن مضمونه مشوق ويلفت الانتباه