نساء إفريقيا ينتمين إلى القمة

نشر في 17-09-2018
آخر تحديث 17-09-2018 | 00:00
 بروجيكت سنديكيت عندما كنت في الثامنة من عمري، أخبر صديق للعائلة والدي أنه يعتقد أن قدري أن يكون لي دور قيادي، ولم يسمح لي أبي أبداً أن أنسى تلك الملاحظة القوية، وكنتيجة لتشجيع والدي المستمر، عملت على الاستفادة من جميع الفرص التي أتيحت لي من أجل تحقيق نبوءة صديقنا، واليوم أدين بالفضل فيما يتعلق بجزء كبير من نجاحاتي لأبي الراحل الذي كان إيمانه بي لا يتزعزع.

وللأسف، معظم الفتيات الإفريقيات لم يحالفهن الحظ كما حالفني، وفي حين أن العديد من الفتيات يمتلكن صفات قيادية فإن الحواجز الاجتماعية والسياسية والاقتصادية تحد من إمكاناتهن، وهذا ينطبق بشكل خاص على الفتيات في المناطق الريفية من إفريقيا، حيث يتآمر عليهن الفقر وسوء المعاملة والتقاليد للحد من الفرص المتاحة لهن. إن القصة المحزنة لصديقة طفولتي "كريسي" هي دليل على ذلك، فقد كانت كريسي طالبة متفوقة جدا في قرية تقع في مالاوي حيث ترعرعتُ ولكنها تركت المدرسة الثانوية لأن عائلتها لم تستطع تحمل تكاليف الرسوم الشهرية التي تبلغ 6 دولارات، وقبل أن تبلغ كريسي 18 عامًا من عمرها، كانت متزوجة ولديها طفل ولم تغادر القرية التي ولدنا فيها أبداً.

إن تجربة كريسي تتكرر ملايين المرات في بلدي وفي إفريقيا وفي جميع أنحاء العالم، واليوم يوجد أكثر من 130 مليون فتاة في جميع أنحاء العالم خارج المدرسة لأسباب ليست من صنع أيديهن، وبحلول الوقت التي تبلغ فيه العديد من الفتيات الإفريقيات العاشرة من العمر، يتم تحديد مصيرهن بالفعل وبعضهن يقعن ضحايا للممارسات الثقافية الضارة مثل تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية وزواج الأطفال في حين لا تستطيع فتيات أخريات الهروب من براثن الفقر الذي يسيطر على عائلاتهن ومجتمعاتهن.

إن التحيز الاقتصادي يضر بشكل خاص الفتيات، فعندما تكون الموارد محدودة، يجب على الأسر الفقيرة اختيار بعض الأطفال لإرسالهم إلى المدرسة وفي العديد من المناطق، يُنظر إلى الأولاد على أنهم استثمار أضمن وفي غضون ذلك، تتزوج الفتيات أو يرسلن للعمل في الحقول أو كخادمات في المنازل.

يتمثل أحد أهداف مؤسسة جويس باندا في تعزيز الاستقلالية المالية للنساء في مالاوي وبالتالي تهيئة الظروف الملائمة لتطور الفتيات الصغيرات ليصبحن قائدات المستقبل، حيث تشير الأدلة إلى أنه عندما تعمل المرأة فإنها تستثمر 90 في المئة من دخلها في أمور تعود بالنفع على أسرتها مقارنة بنسبة 35 في المئة للرجل، وعلاوة على ذلك، بمجرد أن تحصل المرأة على دخلها الخاص فإنها تكون أكثر قدرة على المشاركة في العملية السياسية. إن تغيير المعايير الثقافية المترسخة حول نوع الجنس والهوية - وتطوير المزيد من القيادات النسائية - يبدأ في الفصل الدراسي حيث يجب تعليم الفتيات في سن الدراسة تقدير أنفسهن وتقدير بعضهن البعض، وأن من حقهن أن يكن متعلمات وبصحة جيدة وأن يتم تمكينهن. وفي مدرسة مؤسسة جويس باندا في بلانتير- مالاوي، يتبنى المعلمون منهجًا يستند إلى أربعة مبادئ رئيسية، وهي القيم العالمية والتفاهم العالمي وخدمة الإنسانية والتميز.

تتحرك أجزاء من إفريقيا في الاتجاه الصحيح، واليوم أصبح ما يقرب من ربع النواب في منطقة جنوب الصحراء الكبرى الإفريقية من النساء مقارنة بنسبة 10 في المئة فقط في عام 1997، وفي الوقت نفسه فإن رواندا تحتل المركز الأول من حيث نسبة عدد النواب من النساء كما تم انتخاب النساء في جميع أنحاء إفريقيا لأدوار قيادية على جميع مستويات الحكومة.

ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير الذي ينبغي علينا عمله، وكما سوف توضح مؤسسة بيل وميليندا غيتس في تقريرها السنوي والذي سيصدر في وقت لاحق من هذا الشهر، أنه يجب على الحكومات أن تجدد الالتزام بدعم تنمية القائدات من خلال الاستثمار في صحة النساء والفتيات وتعليمهن. إن تقديم الخدمات للفتيات تحت سن العاشرة وخاصة في المناطق الريفية يعتبر أمراً ضرورياً من أجل أن تتمكن إفريقيا من تحقيق المساواة الدائمة بين الجنسين. وعلى مدار مسيرتي المهنية في مالاوي - أولاً في المجتمع المدني ثم كعضو في البرلمان وأخيراً، كرئيسة - أصبحت مقتنعة بأن الطريقة الوحيدة لتغيير النظرة الإفريقية الكارهة للمرأة هي بمساعدة المزيد من النساء على الوصول إلى أعلى مستويات السلطة، حيث تظهر الأبحاث في الهند أنه عندما تزيد الحكومات النسبة المئوية للنساء في صفوفها فإن القضايا الإجتماعية مثل الرعاية الصحية والتعليم والأمن الغذائي تحظى بأولوية أعلى، وبالتالي فإن وجود المزيد من النساء في القيادة أمر جيد للجميع.

يولد القادة ويصنع القادة أيضا، ولكن عندما يولد هؤلاء القادة في إفريقيا لا يتم الاعتراف بهم دائمًا، ومن أجل إتاحة الفرصة أمام المزيد من الشابات لتنمية مواهبهن وتطبيق مهاراتهن، يتعين على قادة اليوم أن يمهدوا الطريق أمام قيادات الغد من النساء.

* جويس باندا

* الرئيسة السابقة لجمهورية مالاوي كما أسست مؤسسة جويس باندا.

"بروجيكت سنديكيت – 2018" بالاتفاق مع "الجريدة"

back to top