تجارة الرقيق برعاية «الشؤون» ولجنة المناقصات
سيظل ملف هذه العمالة المظلومة وملف تجار الإقامات وصمة عار في جبين كل مسؤول حكومي كان بيده يوماً القرار لإنصاف أولئك الضعفاء، لكنه لم يفعل إماً استكباراً واستضعافاً لهم، وإما مجاملة للتجار والشركات الكبيرة، وإماً خوفاً على كرسيه ومنصبه التافه من الضياع.
تعاني العمالة التابعة للعقود الحكومية في الكويت من ظواهر سلبية مدمرة، على رأسها المماطلة المستمرة من قبل بعض الشركات المتعاقد معها في صرف الرواتب الشهرية في مواعيدها لعمالها، أو صرفها مع الاستقطاع منها بلا مبرر، أو فرض رسوم وهمية وإتاوات على العمال من قبل مسؤولي الشركات المتعاقدة مع الوزارات، إضافة إلى ظروف السكن المهترئ، ووسائل المواصلات التعيسة، بخلاف ما يتم ابتزازهم به من أموال قبل استقدامهم إلى الكويت، أو حتى عند تجديد إقاماتهم... هذه الظواهر السلبية والمحرمة تسيء للكويت قبل أن تمس أبسط أساسيات حقوق أولئك العمال الذين يتقاتلون في ديارهم للحصول على فرصة العمر للعمل في الكويت أو في دول الخليج.الإضرابات العمالية لأولئك البسطاء لا تتوقف طوال السنة، وكل مرة نسمع عنها في جهة حكومية (لحراس الأمن والمراسلين وعمال الخدمات والسائقين... إلخ) حيث يجتمع العشرات والمئات من أولئك العمال للمطالبة بأوجب حق لهم: صرف الراتب مقابل العمل، وللأسف من بعد التحرير إلى يومنا هذا عجزت الجهات الحكومية المعنية بهذا الملف، وعلى رأسها وزارة الشؤون ولجنة المناقصات المركزية، عن إيجاد حل ناجع وحاسم لهذه الكارثة الإنسانية التي لا يقبلها أي إنسان على نفسه، ولا يقبلها أي مواطن على بلده.
ماذا ترتب على هذه المظالم وهذا الانحراف في تطبيق العقود الحكومية وصرف رواتب العمالة ومنحها أبسط حقوقها المتعاقد عليها؟ ترتب عليها ظواهر أخرى لا تقل كارثية عن الأولى، هروب العمالة من كفلائها أصحاب الشركات الضخمة، وانتشار ظاهرة تسولهم عند الخطوط الرئيسية وإشارات المرور، وامتناعهم عن أداء أعمالهم في المرافق الحكومية إلا إذا أعطاهم المواطن والمقيم ديناراً أو اثنين لخدمته، مع قيامهم بتقديم خدمات وأعمال أخرى غير المكلفين بها، ولجوئهم إلى الرشوة والسرقة حتى من مقار المؤسسات الحكومية، وهكذا تستمر دورة هذا الظلم البين على الدولة وعلى العمال، و"الشؤون" ولجنة المناقصات المركزية لا تحرك ساكناً لتسوية هذا الملف المشين والمهين بحق دولة مثل الكويت تميزت بعطائها وإنسانيتها حول العالم.سيظل ملف هذه العمالة المظلومة وملف تجار الإقامات وصمة عار في جبين كل مسؤول حكومي كان بيده يوماً القرار لإنصاف أولئك الضعفاء، لكنه لم يفعل إماً استكباراً واستضعافاً لهم، وإما مجاملة للتجار والشركات الكبيرة، وإماً خوفاً على كرسيه ومنصبه التافه من الضياع، وإذا نسي الوزراء والوكلاء والمديرون والتجار حقوق أولئك البسطاء، فليعلم الجميع أن وزرهم ومظلمتهم وحوبتهم لن تضيع عند رب العالمين... نداء صارخ إلى مجلس الوزراء الموقر: متى تتوقف تجارة الرقيق في العقود الحكومية رأفة بالناس ورفعة للكويت؟ والله الموفق.