انتعاش الاقتصاد الأميركي... هل كان صنيعة ترامب؟
ادَّعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب امتلاكه عصا سحرية قادرة على تحقيق نمو اقتصادي قوي بشكل غير متوقع، في تغريدة ساخرة من تصريح سابق لسلفه باراك أوباما، قال فيه إن على ترامب امتلاك مثل هذه العصا، لتحقيق وعده بنمو نسبته 4 في المئة. والثابت الآن أن اقتصاد الولايات المتحدة يشهد نشاطا قويا وطفرة حقيقية، لكن أكبر ما يهدده، هو الأجندة السياسية لإدارة البلاد، وفق تقرير لـ«بلومبرغ».لم يكن النشاط الاقتصادي القوي نتيجة طبيعية للتوجهات طويلة الأجل للدولة، كما يقول منتقدو ترامب، وقبل الانتخابات الرئاسية في 2016 كان العديد من الخبراء غير الحزبيين يتوقعون نموا ضعيفا في أحسن الأحوال، وأشارت بعض التقديرات إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.75 في المئة حتى عام 2025.
مع ترامب... الاقتصاد يسرع خطواته
- توقعات ما قبل الانتخابات كانت منطقية جدا، فمن الطبيعي أن يتباطأ الاقتصاد مع هدوء وتيرة التعافي من الركود الكبير، ومع ذلك لم يبدِ الاقتصاد الأميركي أي علامات على هذا التباطؤ.- في الواقع يتجه النمو على الطريق الصحيح، للتماشي مع وعود الرئيس ترامب الواردة في الموازنة الأولى لإدارته، التي أشارت إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3 في المئة، مع إضافة 10 ملايين وظيفة جديدة خلال ثماني سنوات.- تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي من 1.3 في المئة خلال الربع الثاني لعام 2016 إلى 2.9 في المئة خلال نفس الفترة من عام 2018، ومن المرجح بشدة أنه سيتجاوز 3 في المئة خلال الربع الثالث. - في الوقت نفسه، أضاف الاقتصاد أكثر من 3.8 ملايين وظيفة منذ تولي ترامب منصبه. وبهذا المعدل، فإن إجمالي عدد الوظائف المضافة سيصل إلى 18.4 مليون وظيفة على مدار السنوات الثماني (باعتبار أنه سيستمر لولاية ثانية).الحقيقة الخفية
- عندما يتعلق الأمر بالاستثمار، فإن الأرقام تروي قصة مختلفة تماما، وكلما تم التعمق في تفاصيل الطفرة الاقتصادية، بدت مخاطر ترامب أكثر وضوحا، إذ تشير البيانات الحكومية إلى أن الطفرة الاستثمارية للشركات جاءت مدفوعة بنشاط شركات النفط والغاز، ويبين الرسم البياني التالي انتعاش طلبيات السلع الرأسمالية، تزامنا مع تعافي أسعار النفط.- للوهلة الأولى، قد يبدو هذا خبرا سارا للبيت الأبيض، نظرا لوعود ترامب السابقة، بتحقيق استقلال الطاقة للبلاد، وتقديم الدعم القوي لصناعة النفط والغاز التي تعمل على نحو جيد منذ توليه الرئاسة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن انتعاش العمليات في الحوض البرمي كان هائلا، وذا قدرة على إعادة تشكيل الأسواق.- مع ذلك، واجه المنتجون على نحو متزايد صعوبة في إيصال منتجاتهم إلى السوق، بفعل بعض الاختناقات، والمتمثلة تحديدا في نقص البنية التحتية اللازمة (خاصة خطوط الأنابيب النفطية)، ونقص العمالة.- يمكن أن تصل تكلفة الصلب المستخدم في خط الأنابيب الواحد إلى مئات الملايين، وقد زادت تعريفة ترامب على الواردات من هذه التكلفة، ومن شأن أي قيود تجارية أخرى زيادة التكاليف بشكل كبير، وخاصة أن الصلب عالي الجودة المطلوب لتدشين الأنابيب لا يتم تصنيعه في أميركا.- خطوط الأنابيب النفطية هي مشاريع تتكلف مليارات الدولارات، وتتسم جدواها بالحساسية، نظرا لعائدها الذي يمتد حتى 30 عاما، ويتسبب عدم اليقين إزاء تكلفة البناء في جعل الاستثمار أقل احتمالا في الوقت الحالي، وعدم كفاية البنية التحتية أكثر ترجيحا (مرة أخرى).