في خطاب ألقاه عبر شاشة عملاقة أمام حشد من مناصريه، أمس، في الضاحية الجنوبية لبيروت خلال مراسم إحياء ذكرى العاشر من محرم، قال الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصرالله أمس، إن حزبه أنجز مهمة الحصول على صواريخ دقيقة، رغم محاولات إسرائيل لوقف تدفق السلاح إلى الحزب عبر سورية، من خلال شنّها مئات الغارات الجوية منذ بدء الصراع في سورية في 2011. وقال نصرالله: «في موضوع الصواريخ الدقيقة ومحاولات الإسرائيلي في سورية لقطع الطريق على هذه القدرة وهذه الإمكانية، أقول له اليوم مهما فعلت... لقد انتهى الأمر وتم الأمر وأُنجز الأمر».
وتابع: «باتت المقاومة تملك من الصواريخ الدقيقة وغير الدقيقة ومن الإمكانيات التسليحية ما يسمح إذا فرضت إسرائيل على لبنان حرباً فستواجه مصيراً وواقعاً لم تتوقعه في يوم من الأيام».
انفراد «الجريدة»
وكان مصدر في «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني، أكد لـ «الجريدة» في فبراير الماضي، أن «إيران أمدت بالفعل، خلال الأشهر الأخيرة، حزب الله اللبناني، وبعض الميليشيات الموالية لها في سورية، بصواريخ ذكية مُسيَّرة عن بعد».وأضاف المصدر، أن «الصواريخ التي وصلت إلى حزب الله يمكن تركيبها على طائرات من دون طيار تم تسليمها للحزب، وتستطيع التحليق مسافات بعيدة».وأوضح أن «الفرق بين الجيلين القديم والجديد من هذه الصواريخ هو أن القديم يحتاج إلى اتصال عبر الأقمار الصناعية ليتم تسييره، مع إمكانية أن يضل عن هدفه إذا ما انقطع اتصاله بالقمر الصناعي لأي سبب، أما الجيل الجديد فيستخدم تكنولوجيا التصوير الضوئي للهدف، ويتبعه عبر الليزر، ولذلك لا يضل حتى لو كان الهدف متحركاً».وذكر أن «حزب الله بات يصنع في الورش والمصانع بلبنان وسورية، صواريخ صغيرة وقصيرة المدى ذكية ومسيَّرة عن بعد مضادة للمدرعات والزوارق أرض- أرض، وأرض– بحر تعمل بالتكنولوجيا الحرارية والليزر».وأكد أن «إيران نقلت تكنولوجيا الجيل السابق للصواريخ الذكية إلى الحزب الذي بات يستطيع تصنيعها، تفادياً لخطر تدمير إسرائيل للشحنات المرسلة إليه». وكانت «الجريدة» قد انفردت في 11 مارس 2017 ، بالكشف عن معلومات إيرانية عن إنشاء طهران مصانع أسلحة في لبنان، الأمر الذي أقرت إسرائيل بصحته بعد أشهر.إسرائيل تكذب
واتهم إسرائيل بقصف الجيش السوري، وليس شحنات أسلحة للحزب عندما تضرب في سورية، وقال: «هناك حجج إسرائيلية لقصف سورية غير صحيحة على الإطلاق، وعلى سبيل ما حصل قبل يومين في اللاذقية، حين أعلن الجانب الإسرائيلي، أنه قصف هذه الثكنة أو هذا المركز أو هذا المجمع للبحوث أو ما شاكل، لأنه كان بصدد تسليم سلاح لحزب الله، فهذا كذب إسرائيلي، وكليا غير صحيح على الإطلاق».وتابع نصرالله: «إسرائيل كما تقول هي على لسان مسؤوليها، إنها بحاجة لأن تدافع بنفسها عن نفسها، لذلك هي ستمنع قيام جيش سوري قوي، وستمنع قيام قوة سورية عسكرية حقيقية، وهي تعلم أن التوازن الاستراتيجي مع سورية منذ زمن الرئيس الراحل حافظ الأسد، وصولا إلى زمن الرئيس بشار الأسد، ليس بالقوة الجوية، وليس من خلال سلاح الجو، بل من خلال ما تمتلكه، أو قد تمتلكه سورية من قدرات صاروخية». وشدد أمين عام حزب الله، على أن «إسرائيل تعمل على منع سورية من امتلاك قدرات صاروخية من خلال الغارات التي تشنها على أراضيها».وتأتي تصريحات نصرالله بعد يومين من إعلان إسرائيل أنها هاجمت منشأة للجيش السوري في مدينة اللاذقية في شمال غرب سورية ليل الاثنين، خلال عملية تسليم أنظمة تدخل في صناعة أسلحة دقيقة، إلى «حزب الله»، مما أسفر عن سقوط طائرة روسية بسبب سلسة ملابسات أحاطت بالغارة.وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أكد الثلاثاء الماضي أن «إسرائيل مصممة على وقف ترسخ ايران عسكرياً في سورية ووقف محاولات إيران التي تدعو إلى تدمير إسرائيل، لنقل أسلحة فتاكة إلى حزب الله لاستخدامها ضد إسرائيل».باقون في سورية
وفيما يبدو أنه رسالة موجهة إلى العدو والصديق، أكد نصرالله، أن «الحزب باقٍ في سورية حتى بعد التفاهمات في إدلب، وأن هذا الوجود رهن بقرار الدولة السورية». ووصف نصرالله في خطاب أدلى به أمس الأول الاتفاق بأنه «جيد ومعقول ومرهون بالنتائج»، مضيفاً أن «ما جرى في إدلب هو خطوة على طريق الحل السياسي في سورية، لكنه مرهون بالتنفيذ الدقيق للاتفاق المبرم».كما تطرق الأمين العام لـ«حزب الله» أيضاً إلى الوضع في الضفة الشرقية لنهر الفرات، في المناطق الخاضعة لسيطرة «قوات سورية الديمقراطية» ذات الأغلبية الكردية والمدعومة من واشنطن.ودعا أكراد سورية إلى «عدم الرهان على الولايات المتحدة»، قائلا: «واشنطن قد تبيعكم في أي سوق وأدعوكم إلى التفاوض مع الحكومة السورية».وعن الحكومة اللبنانية، أشار نصرالله إلى «غياب أي إشارات حيال تشكيلها»، غامزاً من قناة وجود وحي خارجي بعدم التشكيل.قال إن «مسألة النأي بالنفس هي نقطة خلاف جوهرية»، متسائلاً: «هل لبنان مفصول فعلاً عن أحداث المنطقة؟ إن ما يجري في المنطقة هو شأن مصيري لكل اللبنانيين، وهو أكثر أمر مرتبط بحاضرهم ومستقبلهم»، مؤكّداً أن «صفقة القرن تريد تكريس إسرائيل في المنطقة، فهل هي لمصلحة الشعب اللبناني بكل طوائفه ومناطقه واتجاهاته؟». وأضاف أن «القوى السياسية اللبنانية بغالبيتها تدخلت بما تستطيع في سورية، ونحن نطالبها بألا تنأى بنفسها لأن مصير لبنان يصنع في ساحات المنطقة».