طهران فشلت في صفقات لاستعادة أموال ومساجين مع الغرب
واشنطن تسعى لـ«معاهدة» مع طهران يقرها «الشيوخ» وظريف يعتبرها دعوة صورية للسلام
مُنيت محاولات جديدة للحكومة الإيرانية لإطلاق سراح مسجونين إيرانيين، وفك تجميد أموال بالدول الغربية، مقابل الإفراج عن بعض المسجونين الأجانب، بالفشل، في حين كشف مبعوث خاص لواشنطن بشأن طهران أن بلاده تسعى للتفاوض مع إيران على معاهدة جديدة يقرها مجلس الشيوخ، تشمل برنامجها الصاروخي وسلوكها الإقليمي.
كشف مصدر في مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني، أن الحكومة حاولت خلال العام الماضي جاهدة، الإفراج عن بعض المسجونين الأجانب في إيران، مقابل إفراج الدول المقابلة عن مسجونين إيرانيين وأموال إيرانية مجمدة في الخارج، لكنها فشلت خلال العام الماضي في آخر لحظة كل مرة.وقال المصدر لـ"الجريدة" إن أشهر هؤلاء: نازنين زاغري البريطانية الإيرانية الأصل، ونزار زكا الأميركي اللبناني، الذين وصل أمر الإفراج عنهما إلى مراحله النهائية قبل أن يفشل في اللحظة الأخيرة.وحسب المصدر، هناك 4 أميركيين بخلاف زكا يقضون عقوبة السجن في إيران بتهمة التجسس، وتطالب الولايات المتحدة بالإفراج عنهم، وتعتبر الأجهزة الأمنية الإيرانية أنها تستطيع أن تبادل هؤلاء بعدد من المعتقلين من الإيرانيين أو الموالين لطهران في واشنطن وأوروبا، وكذلك الإفراج عن أرصدة إيرانية مجمدة في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا.
وأكد المصدر أن معظم المحاولات باءت بالفشل في اللحظة الأخيرة، بسبب معارضة جهات متنفذة داخلية أو بسبب أن الأميركيين والأوروبيين كانوا يرفضون تسليم الأموال الإيرانية المجمدة بشكل كامل أو الإفراج عن بعض ممن كانت طهران تطالب بهم.وحسب المصدر، فإن واشنطن قامت بعرقلة صفقتين لتسليم إيران أموالا مجمدة في أوروبا، خلال الأشهر الأخيرة، بينها مبلغ 600 مليون جنيه استرليني كانت محكمة بريطانية حكمت بها كغرامة لمصلحة إيران في بريطانيا، ومبلغ آخر يقدر بـ 300 مليون يورو بحسابات إيران في ألمانيا.وأشار إلى أن البريطانيين قاموا بفتح حساب للسفارة الإيرانية في لندن، وأكدوا أنهم مستعدون لإيداع الأموال فيه، لكنهم رفضوا تسليمها لطهران بشكل نقدي، الأمر الذي أفشل عملية الإفراج عن زاغري وعدد من الإيرانيين الموجودين في سجون بريطانية.وكانت الحكومة البريطانية طلبت منذ يومين من جميع مواطنيها مزدوجي الجنسية، من أصول إيرانية، الحذر من السفر إلى إيران بسبب خوفها من قيام السلطات الإيرانية باعتقالهم.
معاهدة جديدة
إلى ذلك، قال مبعوث الولايات المتحدة الخاص بشأن إيران برايان هوك، قبل اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع المقبل إن الولايات المتحدة تسعى للتفاوض على معاهدة مع إيران تشمل برنامجها للصواريخ البالستية وسلوكها الإقليمي.وأضاف هوك، خلال كلمة في معهد هدسون: "الاتفاق الجديد الذي نأمل أن نبرمه مع طهران لن يكون اتفاقاً شخصياً بين حكومتين مثل الاتفاق الأخير. نحن نسعى لإبرام معاهدة"، مكررا انتقاد الإدارة الأميركية الحالية، لعدم حصول الاتفاق النووي المبرم في 2015 مع طهران على موافقة مجلس الشيوخ.لكن هوك أقر بأن قادة إيران ليسوا مهتمين بإجراء محادثات، رغم تصريحات الرئيس دونالد ترامب السابقة عن استعداد الإدارة الأميركية لعقد اجتماعات مع المسؤولين الإيرانيين.وشدد على خطط بلاده لفرض عقوبات اقتصادية خانقة على طهران، لإرغامها على تقديم تنازلات بعدة ملفات مستمرة، مؤكدا أن "إجراءات أشد في الطريق".وأوضح أن الإدارة الأميركية توسع نطاق مساعيها الدبلوماسية لضمان أن تقترب عمليات شراء النفط الإيراني "من الصفر" بحلول الرابع من نوفمبر المقبل، عندما ستعاود واشنطن فرض العقوبات النفطية على طهران.وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد حدد في مايو 12 مطلبا يمكن أن تشكل اتفاقا مع إيران، لكن إشارة هوك إلى معاهدة تحتاج إلى موافقة مجلس الشيوخ الأميركي، تبدو اتجاهاً جديداً. في المقابل، اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن واشنطن لا يمكنها أن تسعى للتفاوض على معاهدة جديدة، في حين انتهكت التزاماتها باتفاق 2015 الذي اعتبرته بين حكومتين، مؤكدا أنها تدعو للسلام صوريا.إلحاق الخليج
في موازاة ذلك، نبه وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، إلى ضرورة إشراك حلفاء واشنطن الخليجيين في المفاوضات المقترحة للتوصل إلى معاهدة مع إيران بشأن برنامجها للصواريخ البالستية وسلوكها الإقليمي.ووصف قرقاش تصريحات هوك بأنها "مهمة". وكتب على "تويتر": "من الضروري أن تكون دول الخليج العربي طرفا في المفاوضات المقترحة. الأعقل لطهران أن تتجنب مرحلة العقوبات وتتعامل بجدية مع المقترحات".ولم تكن الدول الخليجية طرفا في الاتفاق النووي، الذي انسحب منه ترامب في مايو الماضي، وكانت القوى الغربية تستشيرها خلال المحادثات التي أفضت إلى إبرام الاتفاق.في هذه الأثناء، أبدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس تفهما للمخاوف المتعلقة بالدور الإيراني في المنطقة، وفي العديد من المجالات، والوضع في اليمن والأسئلة حول سورية والعراق وغيرها، إلا أنه أكد أن الاتفاق النووي مع طهران "إيجابي".وفي وقت سابق، أفادت مصادر بقصر الإليزيه بأنه من المتوقع أن يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره الأميركي في نيويورك، لمناقشة قضايا من بينها العلاقات التجارية وإيران، على هامش اجتماع الأمم المتحدة.في سياق قريب، صرح مسؤولون فرنسيون بأن باريس لن تعين سفيراً جديداً في طهران، إلا إذا حصلت على معلومات من الجمهورية الإسلامية عن مؤامرة فاشلة لتفجير مؤتمر للمعارضة الإيرانية في باريس في يونيو الماضي.تقليص وانسحاب
في غضون ذلك، ذكرت ثلاثة مصادر مطلعة أن شركة "تشيناي بتروليوم" الهندية ستوقف معالجة النفط الخام الإيراني، اعتبارا من أكتوبر المقبل للحفاظ على تغطيتها الائتمانية، بعد بدء سريان العقوبات الأميركية المتدحرجة على إيران.وأضافت المصادر أن شركة التكرير ألغت تحميل مليون برميل من النفط. ومع انسحاب "تشيناي" يتبقى لإيران عميلين هنديين فقط هما شركة "مانغالور" للتكرير والبتروكيماويات ومؤسسة النفط الهندية.في السياق، قررت شركة "فولكسفاغن" وقف نشاطاتها بصورة شبه كاملة في إيران، نزولا عند الضغوط الأميركية.ونقلت وكالة بلومبرغ ليل الثلاثاء - الأربعاء عن السفير الأميركي في برلين ريتشارد غرينيل أنه تم التوصل إلى اتفاق بين مجموعة السيارات الألمانية والخارجية الأميركية، لكي يقتصر نشاطها في طهران على الدواعي الإنسانية.
«فولكسفاغن» تنسحب وشركة تكرير هندية توقف واردات النفط وباريس تعلق تعيين سفيرها