دائماً ما نسمع عن وزير قدم استقالته لشعوره بالمسؤولية السياسية إذا ما وقعت أخطاء جسيمة تحت إدارته لم يستطع تداركها أو محاسبة المقصر في الوقت المناسب، لذلك انتبه المشرع عند صياغة الدستور إلى هذه الحالة ونظم استخدامها، فجعلها منوطة بوجدان الوزير الأدبي والأخلاقي وبرقابة وتفاعل الرأي العام، والذي قد يطالب الوزير بالاستقالة، كما أن من شأن هذا النوع تجنيب الوزير الحرج السياسي والشعبي في حالة ما إذا وصلت مادة استجوابه إلى التجريح، أو إلى رفع كتاب طلب عدم الثقة فيه، وذلك بسبب ارتباط المساءلة السياسية تاريخياً بالشق الجنائي.هناك بعض الشواهد والممارسات في الحياة الديمقراطية الكويتية، حيث قدم أكثر من وزير استقالته بسبب شعوره بثقل المسؤولية السياسية وبفداحة الخطأ الذي يقع تحت إدارته أو لعدم قدرته على اتخاذ الإجراءات الإدارية اللازمة بسبب الضغوط السياسية التي مورست عليه.
خلال الفترة الماضية كانت هناك مجموعة من الحوادث التي وقعت تحت إدارة السادة الوزراء وأدت إلى تفاعل المواطنين، فمنهم من ذهب إلى المطالبة بالاستقالة، ومنهم من أيد وبارك الإجراءات التي قام بها السادة الوزراء، لكن بقيت هناك مساحة للنقد عن نوعية تلك الإجراءات، وهل كانت بسبب الضغط الشعبي أم من خلال إدراك الوزير لمهامه الوظيفية؟مجمل تلك الحوادث وقع تحت إدارة وزراء جدد، كما أن القاسم المشترك بينها أن تلك الأحداث لم تكن سابقة، بل تكررت خلال السنوات الماضية كحادثة وفاة الطلبة الضباط، ووفاة الطفلة درة الحرز، بسبب خطأ طبي، وأخيراً عدم جاهزية مدارس التربية لاستقبال العام الدراسي بسبب أعطال التكييف.في الحالة الأولى كانت ردة معالي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد من خلال قرارات سريعة وغير مسبوقة، بعد أن قطع رحلة علاجه وتقديمه واجب العزاء لذوي أسر شهداء الواجب، حيث لقي هذا التحرك إشادة شعبية، مع مطالبة برلمانية بفتح الملفات السابقة، والتي عمل الوزير على ضمها إلى الملف الحالي.الحادثة الثانية وقعت تحت إدارة معالي وزير الصحة د. باسل الصباح حيث تم وقف الدكتورة المعنية بالحادثة عن العمل، ومنعها من السفر إلى حين إتمام إجراءات التحقيق.الحادثة الثالثة والمرتبطة بجاهزية وزارة التربية لاستقبال العام الدراسي، أو بما يسمى أزمة التكييف والتي وقعت تحت إدارة معالي وزير التربية والتعليم العالي د. حامد العازمي، أثارت جدلاً واسعاً لارتباطها بشريحة أكبر من المواطنين، حيث كانت تصريحات الوزارة قبل بداية العام الدراسي مغايرة للواقع، كما أن هذه الحادثة تبعها إحالة بعض القياديين في الوزارة إلى التحقيق بعد لقاء سمو رئيس الوزراء مع الوزير ووكيل الوزارة والوكلاء المساعدين.إذن قضية استقالة الوزراء بسبب المسؤولية السياسية منوطة بوجدان الوزير وطبيعة الإجراءات والتدابير التي اتخذها، وهل كانت كافية؟ وهل كان هو المبادر أم جاءت بتوجيه من مجلس الوزراء أو من خلال الضغط الشعبي والنيابي؟ ودمتم سالمين
مقالات - اضافات
المسؤولية السياسية يا سعادة الوزير
21-09-2018