الداعية الإسلامي عبدالرحمن السميط
د. عبدالرحمن السميط، الطبيب الكويتي والداعية الإسلامي في إفريقيا، رجل هدى الله على يديه أكثر من 13 مليون إنسان إلى الإسلام، بالإضافة إلى من هداهم الله على أيدي من أسلم، إنه رجل وهب حياته للإسلام وزهد في متاعها دون ضجيج ولا تعالٍ ولا تكبر وظهور فضائي فج، بل جعلها لله في صمت. يقول د. السميط: "كنت أقف ذات يوم فسمعت بكاء سيدة إفريقية ونحيبها وتوسلاتها لأحد الأطباء القائمين على مساعدة الأطفال الصغار وعلاجهم في بعثتنا في إفريقيا، وللحق تأثرت لشدة إصرارها وتمسكها بتحقيق مطلبها، فتحدثت مع الطبيب فقال لي: إن ابنها الرضيع في حكم الميت، ولن يعيش، وهي تريدني أن أضمه إلى الأطفال الذين سنرعاهم، والمال الذي سننفقه على طفلها لا فائدة له، إنه طفل لن يعيش إلا أياماً معدودات، والمال أولى به غيره، قال السميط: نظرت إليّ الأم والطبيب يحكي لي بنظرات توسل واستعطاف، فقلت للمترجم: اسألها كم تحتاج من المال كل يوم؟ فأخبرته بالمبلغ، ووجدته قليلاً يساوي ثمن مشروب غازي في بلدي، فقلت: لا مشكلة سأدفعه من مالي الخاص، وطمأنتها، فأخذت تريد تقبيل يدي، فمنعتها، وقلت لها: خذي هذه نفقة عام كامل لابنك، وعندما تنفد النقود، أشرت إلى أحد مساعديَّ، سيعطيك ما تحتاجينه، ووقعت لها صكاً لتصرف به المبلغ المتفق عليه.تمر الشهور والسنوات، وللحق أنا اعتبرته فعلاً طفلاً ميتاً، وما فعلته كان فقط لكي أهدئ الأم المسكينة وأجبر خاطرها، لاسيما أنها حديثة عهد بالإسلام، ثم نسيت الموضوع برمته. وبعد أكثر من 12 عاماً كنت في المركز وحضر لي أحد الموظفين، وقال لي: هناك سيدة إفريقية تصر على لقائك وأتت عدة مرات، فقلت له: أحضرها فدخلت سيدة لا أعرفها، ومعها طفل جميل الوجه هادئ، وقالت لي: هذا ابني عبدالرحمن أتم حفظ القرآن، والكثير من أحاديث الرسول، صلى الله عليه وسلم، ويتمنى أن يصبح داعية للإسلام معكم، تعجبت وقلت لها: ولماذا تصرين على هذا الطلب مني؟
ولم أكن أفهم شيئاً ونظرت إلى الطفل الهادئ فوجدته يتحدث اللغة العربية بهدوء، وقال لي: لولا الإسلام ورحمته ما كنت أنا أعيش وأقف بين يديك، فقد حكت لي أمي قصتك معها وإنفاقك علي طوال مدة طفولتي، وأريد أن أكون تحت رعايتك، وأنا أجيد اللغة الإفريقية وأعرفها تماماً، وأحب أن أعمل معكم كداعية للإسلام، ولا أحتاج سوى الطعام فقط، وأحب أن أسمعك تلاوتي للقرآن، وأخذ يتلو آيات من سورة البقرة بصوت شجي وعيناه الجميلتان تنظران لي متوسلة أن أوافق، وهنا تذكرت وقلت لها: هل هذا هو ذلك الطفل الذي رفضوا ضمه إلى الرعاية؟ فقالت: نعم... نعم، وعقّب هو: لذلك أصرت أمي أن تقدمني إليك، بل ولقبتني باسمك عبدالرحمن. يقول د. السميط: قدماي لم تحملاني، خررت على الأرض وأنا شبه مشلول لهول الفرحة والمفاجأة وسجدت لله شكراً، وأنا أبكي وأقول: ثمن مشروب غازي يحيي نفساً ويرزقنا بداعية نحتاجه؟! هذا الطفل أصبح من أكثر دعاة إفريقيا بين قبائلها شهرة وقبولاً لدى الناس. "كم هي جميلة جنة الله، وكم أن التقرب إلى الله سهل، وكم من صدقة قليلة حولت حياة ناس كثيرين وجعلتهم سعداء، وكم من أموال ننفقها بلا طائل، وكم نحن مسرفون وبلا هدف؟!تأثرت عند قراءتي لهذه القصة الحقيقية واغرورقت عيناي بالدموع، فقلت في نفسي سبحان الله الذي يحيي العظام وهي رميم، مبلغ زهيد من المال يساوي ثمن مشروب غازي تنقذ به حياة طفل رضيع "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ". (الزلزلة)، حقا إن الصدقة من أقرب القربات إلى الله سبحانه وتعالى، لذا عزيزي القارئ نصيحتي لك بفعل الخيرات ومساعدة المحتاجين في كل مكان، ولا تنظر إلى شكل المحتاج أو جنسيته أو ديانته، فكلنا إخوة في الإنسانية، "وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" (المزمل).* آخر المقال:يقول الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، في الحديث الشريف: "من نفّس عن مؤمن كربة من كُرَب الدنيا، نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".