بعد 10 سنوات مؤلمة من الأزمة المالية: صقور المال يتجاهلون عودة الديون إلى التضخم
لم تكن الأزمة المالية في 2008-2009 من النوع العادي، فقد هزت النظام المصرفي في الولايات المتحدة، وقضت على ملايين الوظائف، وكادت أن تتسبب بتمزيق منطقة اليورو. وهذا غيض من فيض من الأضرار التي أحدثتها تلك الأزمة. ونظراً لمدى ما كانت عليه من سوء، ربما كان من المعقول أن نتوقع أن نتمتع الآن بنظام يمنع حدوث كارثة جديدة. ولكن عشر سنوات مرت ونحن نشهد أن الدروس التي تعلمناها منها تبدو غريبة في أحسن الأحوال، ومثيرة للضحك في الصورة الأسوأ.وأحد الدروس الأكثر أهمية الذي لم نتعلمه هو أن التجميع الضخم للديون يفضي إلى أزمة مالية خطيرة. وحتى مجرد حدوث أزمة سيولة صغيرة في طريق تخطي الكميات المتزايدة من الديون يؤدي في نهاية المطاف إلى انهيار الصرح برمته.
وهذا ليس مجرد إلهام، وحتى "التوليب مانيا"، التي حدثت في ثلاثينيات القرن السادس عشر وانتهت إلى تحطم، قد تغذت بزيادة ضخمة في تأثير التوليب "الآجلة"، كما أن الانهيارات الأخيرة مثل أزمة ديون أميركا اللاتينية في عام 1982 وأزمة التوفير والقروض في 1990 والانهيار الذي عصف باليابان في 1990 والأزمة الآسيوية في 1997، يمكن ارجاعها الى نمو الائتمان الخارج عن السيطرة. وطبعاً حفلت أزمة 2008 في أساسها بسلسلة أسية من النفوذ المبني على مشتقات الرهن العقاري.وفي أعقاب أزمة سنة 2008 كثرت الأحاديث والتعليقات، للتنديد بتصاعد الديون التي أفضت اليها. ومن المفارقة اللافتة أننا ونحن نخرج من عشر سنوات مؤلمة من الكفاح والتعافي يبدو أن أكثر صقور المال في ذلك الوقت غير آبهين الآن بكون الديون تنمو بسرعة من جديد.وهذا، للأسف، ليس مفاجئاً. وكما أورد البروفسور ريتشارد كندلبرغر، من معهد ماساشوستس للتقنية، في كتابه الكلاسيكي لعام 1987 "الهوس والذعر والتحطم"، يجب أن يمر بعض الوقت بعد حدوث أزمة، قبل أن يتعافى المستثمرون بصورة كافية من خسائرهم، ومن زوال الوهم كي يرغبوا بمعاودة نشاطهم.