تَمتع الكويتيون على مدار أعوام مضت بحرية التعبير في جميع المجالات؛ وهذا مكسب ومغنم حقيقي لم يكن يجب التفريط فيه أبداً، لكن «تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن»، ففي السنوات الماضية تراجعت حرية التعبير بشكل مخيف، لوحق على أثرها شباب الكويت، فأصبح مصيرهم بين السجن والمنفى؛ وهذا ليس زعماً بل ما شهدت به إحصاءات محلية ودولية، وحسبك متابعة عدد مَن وجهت إليهم اتهامات أو عدد من ينتظرون الملاحقات القضائية على خلفية قضايا الرأي والتعبير، وهذا حقاً يثير القلق على مستقبل البلاد.ومن وجهة نظري؛ فإن العلاقة بين حرية التعبير وزيادة معدلات الفساد في مفاصل الدولة علاقة طردية؛ ولا يخفى على أحد تراجع معدلات قضايا الفساد في الدول المتقدمة، والتي حققت مكاسب كبيرة في مجال حرية الرأي والتعبير، وبالطبع العكس صحيح، حيث يزداد الفساد ويترعرع وتصل جذوره إلى أعماق الأرض وفروعه إلى عنان السماء في أنظمة الحكم الفردي التي تقمع الحريات وتصادر الرأي الآخر.
لذلك من ضرورات اللحظة التي لا تقبل تسويفاً أو مماطلة التوقف عن نهج الملاحقات السياسية، ووضع خطة للنهوض بالحريات يكون أول بنودها نسف كل قانون وُضِع لتكبيل حرية الكلمة؛ ولا سيما القوانين التي صدرت مؤخراً في هذا الاتجاه؛ والحرية المنشودة ليست حرية التجريح في الشخصيات، بل حرية مسؤولة تنتقد الأداء لا الشخوص، حرية تهدف إلى التأثير، مما من شأنه تعديل المسار؛ فيتحقق التغير ويستقيم الأمر ليصب في المصلحة العامة على حساب المصلحة الشخصية.ختاماً: كفل الدستور الكويتي حرية التعبير في المادة (36) والتي نصت على أن «حرية الرأي والتعبير والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي بينها القانون».ووجود هذا النص الراقي يضاعف المسؤولية التي تقع على عاتق الجميع حكومة ومجلساً؛ لأن سقوط الحريات يلحق ضرره الجميع، ولا سيما أن الكويت كانت في صدارة الدول العربية في مجال الحريات ولا بد أن تبقي كذلك، ونملك القوى الفاعلة القادرة على حماية المكتسبات الدستورية والتحرك تجاه التغير لما فيه خير البلاد والعباد بشرط أن يكون هناك عفو عام عن أي سجين رأي.ودمتم بخير.
مقالات - اضافات
High Light: حرية التعبير
22-09-2018