"اللهم لا شماتة"... وعلى كبار المسؤولين في طهران أن يدركوا أن عملية "الأحواز" الأخيرة هذه قد جاءت بعدما طفح الكيل، وأصبح عرب هذه المنطقة العربية المحتلة منذ عام 1939 يعانون اضطهاداً قومياً كمعاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي وربما أكثر، فالعنف يؤدي إلى عنف مضاد، ويقيناً أن هذا الذي جرى أمس الأول واستهدف عرضاً عسكرياً لـ"حراس الثورة" كان من قبيل التخويف واستعراض القوة، سيتكرر في هذه المنطقة ومناطق أخرى متعددة... و"سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".لا هي "دول إقليمية" ولا الولايات المتحدة ولا أي "شيطان أكبر"! منْ يقف وراء هذا الهجوم، الذي سيتكرر في هذه المنطقة ومناطق أخرى بالتأكيد، بل هو الاضطهاد القومي والطائفي الذي بات يمارسه هذا النظام وحراس ثورته و"باسيجه" على مَنْ مِنَ المفترض أنهم إخوان في الدين وشركاء في المسيرة استقبلوا ثورة فبراير (شباط) 1979 بالهتافات وإقامة الأفراح والليالي الملاح على أساس أنهم تخلصوا من محمد رضا شاه ومن استبداده ومن مخابراته (السافاك)، التي ارتكبت جرائم ضد هؤلاء وضد الشعب الإيراني كله لم ترتكبها أي من أنظمة العالم الأكثر استبدادية وظلامية.
كان الرئيس الراحل ياسر عرفات قد بادر مسرعاً وهرولة لزيارة إيران بعد انتصار الثورة بأيام قليلة، وبالطبع فإن هدفه كان الحفاظ على الوجود الفلسطيني المسلح في الجنوب اللبناني، الذي هو منطقة شيعية، ولو عاماً أو عامين نظراً لأن عملية السلام مع الإسرائيليين كانت قد شهدت تحركات جدية. وقد تقصد أبو عمار أن تشمل زيارته تلك منطقة "الأحواز" العربية، وحقيقة وقد كنت أحد الذين رافقوه في هذه الزيارة قد لمست مدى تأييد العرب "الأحوازيين" لهذه الثورة وترحيبهم بها، والمراهنة على أنها لن تكون للفرس وحدهم ولكن لهم ولأشقائهم الأكراد والآذاريين، وباقي الأقليات الدينية والقومية والمذهبية المتعددة والكثيرة.وكانت المفاجأة أنه بعد أقل من شهر واحد قد ردّ النظام الذي راهن كثيرون على أنه سيكون واعداً وللإيرانيين كلهم على "تظاهرة" مطلبية لأكراد "كرمنشاه" بهجوم دموي قام به الـ"سافاك" الثوري بتعليق بعض المتظاهرين على أعمدة الكهرباء وتركهم على هذا النحو أكثر من أسبوع، ليكونوا عبرة للآخرين ولأبناء الأقليات الأخرى الذين أدركوا أن هذه الثورة ليست ثورتهم، وأنَّ القادمين طائفيون ومذهبيون ومتعصبون قومياً وعلى أساس أن إيران للفرس وحدهم وأن الفرس فوق الجميع.لا "داعش" الإرهابي، الذي هـو حليف إيـران التـي ثبـت أنهـا هي التي نـقـلت أبو بكر البغدادي من مخبئه في العراق إلى مكان "آمن" في أفغانستان، له علاقة بهذا الهجوم ولا غيره من التنظيمات الإرهابية التي كلها "مربط خيولها" في طهران، وستثبت الأيام لا بل إنه ثبت من اللحظات الأولى أن أبطال هذا الهجوم، الذي استهدف عرضاً عسكرياً استفزازياً وتخويفياً، هم عرب "أحوازيون" وأن ما قاموا به بكل هذه الجرأة والشجاعة هو البداية، وأن القادم سيكون أعظم، وأن الثورة على الظلم الطائفي والمذهبي والقومي أيضاً قد بدأت بهذه العملية بالفعل، وأنها بالتأكيد لن تقتصر على "الأقلية" العربية، بل إنها ستكون كردية وآذارية وبلوشية وأيضاً "لورية"!
أخر كلام
«الأحواز»... القادم أعظم!
24-09-2018