حرب ترامب التجارية لم تخِف الصين بعد

وجه الرجل الثاني في السلطة الصينية رسالة مليئة بالثقة قبل أيام فيما تلوح الحرب التجارية مع الولايات المتحدة في الأفق: ستنجو بكين.

تبدو ملاحظات رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ في المدينة المرفأ تيانجين موجهة مباشرةً إلى ترامب من دون تسميته، فيما تقرّب الإعلانات الأخيرة عن رسوم جمركية جديدة الولايات المتحدة والصين من حرب تجارية مفتوحة.

ذكر: "حققت الصين دوماً التنمية في العقود الماضية بتخطيها شتى أنواع العقبات والتحديات. في كل مرة، نجحنا في المضي قدماً".

جاء كلام لي هذا بعد يوم من تعهد بكين بالرد مباشرةً على جولة ترامب التالية من الرسوم الجمركية التي ستطول واردات صينية بقيمة مئتي مليار دولار مع ضرائب على سلع أميركية إضافية بقمة 60 مليار دولار.

وصف ترامب هذا الصراع بالحرب الضرورية، مدعياً أن الصين تكسر قواعد التجارة العالمية منذ سنوات على حساب العمال الأميركيين، وأكّد ترامب أن التهديد بالرسوم الجمركية سيضغط على بكين كي تبدّل أساليبها.

غرّد ترامب: "تستغل الصين الولايات المتحدة في مجال التجارة منذ سنوات طويلة، كذلك يعرفون أنني الوحيد الذي يعرف السبيل إلى إيقافها".

ولكن إذا التزمت الحكومة الصينية بتهديدها بالرد، فقد تعهد ترامب بالرد بدوره برسوم جمركية على منتجات صينية بقيمة 267 مليار دولار. عندئذٍ يفرغ كلا الطرفين تقريباً من الواردات التي يمكنهما استهدافها.

تشمل السلع التي ستصل الرسوم عليها إلى 10% الإلكترونيات، والأثاث، والمواد الكيماوية، والحقائب، وشمعات الاحتراق، وشعر الإنسان، وهذه سلع عادية ومتخصصة تحولت إلى أغراض دائمة تملأ الحاويات في علاقة تجارية مستمرة منذ أربعة عقود.

لا يستطيع أي من هذين البلدين تفادي آلام هذه الحرب التجارية، حسبما يحذر خبراء الاقتصاد، فمن المتوقع أن ترتفع كلفة السلع المنزلية، بما أن سلاسل الإمداد العالمية تمر في هذه الأمة الآسيوية. كذلك يتوقع خبراء الاقتصاد الصينيون عمليات صرف في قطاع التصنيع في البلد. في المقابل، يخشى المزارعون ومالكو الشركات الأميركيون أن يخسروا قدرتهم على ولوج السوق الصينية المربحة: طبقة وسطى من المستهلكين تفوق عدداً الشعب الأميركي برمته.

على سبيل المثال، طرح عملاق التكنولوجيا الثري جاك ما، رئيس مجلس إدارة شركة التجارة الإلكترونية الضخمة Alibaba، توقعات حالكة قبل أيام في حين يتمسك هذان البلدان بمواقفهما بعناد.

أعلن في مؤتمر في مدينة هانغتشو: "سيدوم هذا الوضع طويلاً، وسنشهد معمعة كبيرة. قد يدوم عشرين سنة".

لكن رجل الأعمال المشهور هذا لم يلقِ كل اللوم على ترامب، فقد ذكر: "على الصين أن تفتح سوقها".

وخلال خطاب لرئيس مجلس الدولة الصيني، الذي يُعتبر المسؤول الثاني في الصين بعد الرئيس شي جين بينغ قبل أيام، أقر بأن لهذا البلد نقاط ضعف. على سبيل المثال تراجع مؤشر الأسهم الرئيس في الصين بأكثر من 20% منذ شهر يناير مع تفاقم الخسائر بعدما أطلق ترامب المجموعة الأولى من الرسوم الجمركية.

قال لي: "لا شك أننا نواجه صعوبات أكبر في سعينا إلى الحفاظ على أداء مستقر في الاقتصاد الصيني"، وأضاف أن الصين ستقمع الممثلين السيئين الذين يسيئون استغلال فرص التجارة العالمية بسرقتهم الأسرار التجارية من ماركات وشركاء تجاريين.

أقر لي أيضاً بأن الغالبية العظمى من القوة العاملة الصينية تفتقر إلى المهارات، مؤكداً أن 11% منها فقط حظيت بنوع من التدريب المهني أو التعليم العالي، وتابع مشيراً إلى أن متوسط الدخل للعامل في هذا البلد يُصنَّف من الأدنى في العالم.

لكنه شدد على أن الصين ستواصل ازدهارها بالتركيز على مواهبها المحلية وتمهيد الدرب أمام المقاولين الناشئين، وأشار لي أيضاً إلى أن مجال التجارة الإلكترونية في الصين، الذي يضم عملاقَي البيع بالتجزئة على شبكة الإنترنت Alibaba وJD.com، يحقق نجاحاً كبيراً مع إنفاق استهلاكي محفّز يمثل نحو 60% من النمو الاقتصادي في الصين.

* دانيال باكيت

*«واشنطن بوست»