واشنطن وموسكو... الحرب المتوقعة!
الواضح، لا بل المؤكد، أنه في حين أن كثيرين من المؤلفة قلوبهم قد بدأ يسيل لعابهم وبدأوا يروجون للعودة إلى نظام بشار الأسد، عودة الابن الضال، قد ثبت كارتداد لإسقاط الطائرة الروسية في شواطئ اللاذقية أن هذه الأزمة، التي أصبحت خلال تطورات الأعوام الثمانية الماضية أكثر تعقيداً من ذنب الضب، لاتزال في ذروتها وأنها مفتوحة على شتى الاحتمالات وأخطرها بحكم أن هذا البلد العربي قد أصبح ساحة صراعات إقليمية ودولية ربما يحتاج حسمها إلى مواجهات ستترتب على نتائجها خرائط مستجدة كثيرة. كانت الأزمة في سورية في ذروة احتقانها عندما أُسقطت الطائرة الروسية وهذا رغم "لفلفة" وضع إدلب، الذي ثبت أنه بعد هذه "اللفلفة" أصبح أخطر كثيراً مما كان عليه، وهنا يجب الأخذ بعين الاعتبار أن فلاديمير بوتين كان قد أصر في البدايات على أن النظام السوري هو المسؤول عن هذا "الحادث"، وذلك في حين أن جنرالاته وعلى رأسهم وزير الدفاع سيرغي شويغو ومعه وزير الخارجية سيرغي لافروف قد أكدوا بكل إصرار أن المسؤولية تقع على إسرائيل، مما يعني أن الرئيس الروسي تخلى عن إصراره رغم أنفه، وأن الأيام المقبلة في ضوء هذه الأزمة المتصاعدة ستشهد تحولات كثيرة بالنسبة لـ"مطبخ" صنع القرارات الحاسمة في موسكو.
ربما، لا بل المؤكد أن بوتين بتحاشيه تحميل مسؤولية إسقاط الطائرة الروسية، الذي قتل فيه خمسة عشر عسكرياً روسياً من الواضح أنهم كلهم برتب عالية، لإسرائيل ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أراد تجنب الصدام مع "اللوبي" الصهيوني في روسيا الاتحادية لأن المعروف، إلا لمن لا يريد أن يعرف، أن هذا "اللوبي" أقوى وأخطر حتى من مثيله في الولايات المتحدة وبخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وعودة هذا البلد الهام جداً إلى ما كان عليه... دولة رأسمالية ينخرها الفساد وتتحكم في سياستها المجموعات والقوى المتحكمة في الأوضاع الاقتصادية. والمهم هو أن الواضح أن الجنرالات الروس ومعهم لافروف قد أرغموا بوتين على التخلي عن قناعاته السابقة بالنسبة لإسقاط الطائرة الروسية وتبني رأي هؤلاء القائل بأن مسؤولية هذا الحادث الخطير جداً تقع على نتنياهو وعلى إسرائيل، والمقصود هنا هو التصعيد مع الولايات المتحدة، وهو تمتين تحالف روسيا وإيران ونظام بشار الأسد وعلى أساس أن الأمور تتجه بحكم عوامل كثيرة إلى الصدام مع أميركا التي على رأسها دونالد ترامب ومعه مجموعة "صقورية" ترفض السماح للروس بتثبيت أقدامهم في منطقة الشرق الأوسط الاستراتيجية. إن هذا هو واقع الحال، والمفترض أن المهتمين بكل هذه التطورات الخطيرة يأخذون باعتبارهم مسارعة موسكو بعد كل هذه التطورات الأخيرة الخطيرة إلى تزويد نظام بشار الأسد بمنظومة صواريخ "إس300"، خلال أسبوعين، والحقيقة أنَّ الروس عندما يزودون هذا النظام بهذه الصواريخ فإنهم يقصدون وصولها إلى الإيرانيين، وذلك الأمر لم يرعب الإسرائيليين فقط، بل أرعب معهم الأميركيين أيضاً، الذين باتوا يعدون أنفسهم لصدام في هذه المنطقة الشرق أوسطية مع روسيا يبدو أنه أصبح لابد منه.