هيمن ملف التعامل مع إيران على أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة التي افتتحت أمس الأول دورتها الـ73، وذلك مع اقتراب موعد فرض عقوبات نفطية أميركية على طهران قد تؤثر على مجمل قطاع النفط العالمي، في حين أظهرت كلمات الرؤساء الغربيين الانقسام بين ضفتي الأطلسي، خصوصا بعد اتخاذ الأوروبيين إجراء مبدئيا يسمح بالالتفاف على العقوبات الأميركية.

وتواصل أمس الخلاف الحاد حول إيران أمام الأمم المتحدة، حيث دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يريد حشد حلفاء ضد طهران إلى اجتماع لمجلس الأمن الدولي للتباحث في منع انتشار الأسلحة في اليوم العالمي للقضاء على الأسلحة النووية.

Ad

لكن سيّد «البيت الأبيض» لا يخفي أنه يريد استغلال الاجتماع، بالمجلس المكون من 15 دولة، لحملته من أجل ممارسة «أقصى الضغوط» على إيران.

وكان الرئيسان ترامب ونظيره الإيراني حسن روحاني قد تواجها بشكل حاد خلال كلمة كل منهما من على منبر الجمعية العامة أمس الأول. ودعا ترامب «كل الأمم إلى عزل الدكتاتورية الفاسدة» في طهران. وهدفه من ذلك حشد الأسرة الدولية لحمل طهران على التفاوض معه للتوصل إلى اتفاق جديد يمنع طهران من حيازة السلاح النووي وأي انتشار للصواريخ الباليستية ويضع حداً لـ «سلكوها المزعزع» للاستقرار في الشرق الأوسط.

في المقابل، اتهم روحاني سيد «البيت الأبيض» بالسعي إلى «إطاحة النظام الإيراني» من خلال فرض عقوبات صارمة شبهها بـ «إرهاب اقتصادي».

انتقادات فرنسية

وفي وقت تبدي أوروبا مواقف خجولة لاستمرار الاتفاق النووي مع طهران، انتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الانفرادية و»قانون الغاب»، وقال إنهما لا يمكنهما حل القضية النووية الإيرانية.

وتحدث ماكرون، بعد وقت قصير من الرئيس الأميركي، الذي سحب بلاده في وقت سابق من هذا العام من اتفاق 2015 الذي يهدف إلى منع إيران من صنع قنبلة نووية، قائلا: «ما الذي يمكننا حقا من حل الأزمة في إيران؟ قانون الغاب، الضغط من طرف واحد؟ لا!».

وتابع: «نحن نعلم أن إيران كانت بالفعل في طريقها إلى امتلاك قدرة نووية عسكرية. ما الذي أوقفها؟ اتفاق فيينا الذي أبرم عام 2015».

وأضاف ماكرون: «اليوم، لا ينبغي لنا أن نزيد من حدة التوترات الإقليمية، بل نقترح بدلا من ذلك خطة أوسع نطاقا تسمح لنا بالتعامل مع جميع المخاوف، النووية والباليستية والإقليمية، التي تثيرها السياسات الإيرانية، عبر الحوار والتعددية».

انزعاج أميركي

في المقابل، أبدى وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، مساء أمس الأول، «انزعاجه وخيبة أمله العميقة» إزاء قرار الاتحاد الأوروبي استحداث آلية تتيح للدول والشركات الأجنبية الالتفاف على العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها على إيران، معتبرا أن الإجراء يعزز وضع النظام الإيراني كأول دولة راعية للإرهاب.

وأثارت الآلية الأوروبية سخط بومبيو، الذي قال في اجتماع في نيويورك أمام لوبي «متّحدون ضد إيران نووية» إن «هذا هو أحد أكثر التدابير المؤدية لنتائج عكسية على السلم والأمن الإقليميين الذي يمكن تخيله».

وأضاف: «أتخيل الملالي الفاسدين والحرس الثوري، كيف كانوا يضحكون» لدى تلقيهم نبأ الاتفاق بين «الأوروبي» وروسيا والصين على تشكيل آلية استمرار التجارة.

ومع قرب دخول حزمة العقوبات الأميركية التي تهدف لوقف شامل لصادرات النفط الإيرانية، قال بومبيو: «إذا كان النظام الإيراني يعتقد بأن له ملكية كاملة على مضيق هرمز، فيمكنه الرهان برياله الأخير على أن الولايات المتحدة لن تسمح له بذلك أبداً».

وأضاف: «واشنطن سترد على الهجمات ضد مصالح الولايات المتحدة، في إشارة إلى قصف القنصلية الأميركية في البصرة 8 سبتمبر وسقوط قذائف بالمنطقة الخضراء في بغداد بالعراق 7 سبتمبر»، والذين اتهم قوى موالية لإيران بالوقوف وراءهما.

وأتى جواب الوزير الأميركي رداً على تصريح روحاني الذي جدد التلويح بإمكان إغلاق بلاده لمضيق هرمز ردا على العقوبات.

حزم بولتون

في موازاة ذلك، رفض مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، الخطوة الأوروبية الهادفة للالتفاف حول العقوبات الأميركية على مبيعات النفط الإيرانية.

وقال بولتون إن «الولايات المتحدة ستكون حازمة وثابتة في فرض العقوبات الاقتصادية على طهران».

وأضاف أن الولايات المتحدة لن تسمح للاتحاد أو أي جهة أخرى بتقويض الضغوط.

وذكر أنه: «يتعين على البنوك وخدمات الاتصالات المالية، مثل سويفت في بلجيكا أن تلقي نظرة فاحصة على أعمالها مع إيران وتسأل نفسها عما إذا كانت تستحق المخاطرة».

وشكك بولتون في قدرة «الأوروبي» على وضع «آلية محددة الغرض تضمن استمرار مبيعات النفط الإيراني». ووصف دبلوماسيون الآلية بأنها قناة مقايضة سيادية تشبه كثيراً الآلية التي استخدمها الاتحاد السوفياتي خلال الحرب الباردة.

واعتبر بولتون «الاتحاد الأوروبي كثير الكلام وقليل الأفعال».

تحذير إماراتي

في غضون ذلك، حذر وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، القوى الأوروبية من أنها تعرض على إيران بصيص أمل بمحاولة الحفاظ على تدفق التجارة، لكنها في نهاية المطاف لن تصمد أمام نهج الولايات المتحدة الصارم تجاه طهران.

وقال قرقاش، أمس الأول، إنه يشعر بالقلق من الخلافات العلنية بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق، والتي ظلت ملتزمة به وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا وتتفق جميع هذه الدول على ضرورة كبح أنشطة إيران النووية على المدى البعيد وتحجيم برنامج صواريخها الباليستية وكبح جماح نفوذها الإقليمي.

وأضاف قرقاش: «كلما كان بمقدورنا تقريب وجهات النظر بشكل أسرع كان ذلك أفضل». وتابع قائلا: «إن الإيرانيين يعولون على ذلك، وربما يسعون لدق إسفين بين نهج واشنطن والسياسة الأوروبية».

وعبر عن اعتقاده بأن سياسة الضغط التي ينتهجها ترامب ستؤتي ثمارها، وبأن إيران قد تجلس إلى طاولة المفاوضات خلال عام.