في إشارة لاستعدادها لحرب مفتوحة، ربطت الإدارة الأميركية للمرة الأولى بقاء قواتها في سورية باستمرار وجود إيران وميليشياتها، في حين اعتبرت تركيا أن مساعي السلام لا يمكن أن تستمر في ظل تشبث الرئيس بشار الأسد بالسلطة. وعقب ساعات من تحذير وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان من أن المنطقة المحيطة بسورية يمكن أن تشهد "حرباً دائمة" إذا لم يتم التوصل إلى حل سياسي في ظل وجود خمسة جيوش تتواجه فيها، قال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جون بولتون، أمس الأول، "لن نرحل طالما أن القوات الإيرانية باقية خارج حدودها، وهذا يشمل حلفاء إيران والمجموعات المسلحة".
ورداً على سؤال حول تصريحات بولتون، أكد وزير الدفاع جيمس ماتيس أن السياسة الأميركية لم تتغير. وقال: "نحن في سورية لهزيمة تنظيم داعش والتأكد من أإنه لن يعود ما إن ندير ظهرنا"، مشيراً إلى أن الوضع على الأرض معقد، وهناك الكثير من الحساسيات والخصوصيات، وأنه أول من يعترف بها".وهذه ليست المرة الأولى التي تلمح واشنطن إلى وجود طويل الأمد على الأراضي السورية حيث نشرت حوالى ألفي جندي في إطار حملة مكافحة تنظيم "داعش" في يناير، بعدما أشار "البنتاغون" إلى بقائه "طالما لزم الأمر" لمنع أي عودة للتنظيم، وتحذير وزير الدفاع جيمس ماتيس الحلفاء، في شهر يونيو، من أن مغادرة سورية فور انتهاء معارك "داعش" سيكون "خطأ استراتيجياً".
ربط مباشر
لكنها المرة الأولى التي يكون فيها رحيل القوات الأميركية مرتبطاً بهذا الشكل المباشر بوجود جنود إيران والميليشيات الموالية لها في سورية. ورابط مباشر إلى هذا الحد يغير طبيعة التدخل في سورية المبرر شرعياً بمكافحة "داعش" بعد عدة اعتداءات دامية في أوروبا حيث لم تعد حرباً ضده وإنما مع طهران بشكل غير مباشر.ويقاتل الجيش الإيراني، بشكل غير معلن، إلى جانب قوات النظام منذ اندلاع الحرب، كما يدعم آلاف العناصر من "حزب الله" اللبناني، الذي أعلن أمينه حسن نصرالله أخيراً أن قواته باقية في سورية "حتى إشعار آخر".ثلاثة أهداف
وعلى هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، أكد المبعوث الأميركي الجديد لسورية جيمس جيفري، أن "القوات الأميركية باقية بسورية ليست كقوة احتلال إنما لتنفيذ ثلاثة أهداف، هي اقتلاع داعش بشكل حاسم، وعدم ظهوره مرة أخرى، وإخراج القوات الإيرانية وضمان تنفيذ عملية سياسية تؤدي إلى تشكل لجنة لوضع الدستور وإجراء انتخابات، والمضي قدماً في عملية حل سياسي وفقاً لقرارات جنيف وقرار مجلس الأمن 2254.وإذ أشار إلى أن "واشنطن تعمل مع موسكو لتحقيق هذا الهدف"، أعلن جيفري عن اجتماع وزاري اليوم لمناقشة الأزمة الإنسانية، وتسهيل الخطوة القادمة من مواجهة عسكرية إلى عملية سياسية، معرباً عن "قناعته بإمكان إزاحة الرئيس بشار الأسد عبر عملية دستورية، كما حصل مع رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي".وجود الأسد
وإذ أعرب جيفري عن تفاؤله بأن يشكل صمود اتفاق أنقرة وموسكو في إدلب فرصة سانحة لمناقشة كيفية المضي قدماً في عملية سياسية تتضمن إقرار دستور جديد وإجراء انتخابات، أعاد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التأكيد، خلال وجوده في نيويورك، على أنه لا يمكن أن تستمر مساعي السلام السورية في ظل استمرار الأسد في السلطة، مشيراً إلى بدء الفصائل "المتطرفة" في الانسحاب من المنطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب، بموجب اتفاقه مع نظيره الروسي فلاديمير في بوتين.ولتفعيل بنود الاتفاق، الذي ينص على إنشاء منطقة عازلة بعمق 20 كلم، اجتمع قادة الفصائل العاملة في إدلب في تركيا لبحث موضوع تسليم السلاح الثقيل.تطهير عرقي
ومع تحذير أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني من استمرار "آلاف الإرهابيين في سورية والدول الأخرى" في تهديد أمن واستقرار المنطقة، اتهم وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إيران بمواصلة سياساتها العدوانية بالمنطقة، وممارسة التطهير العرقي في سورية.وأكد الجبير، في المؤتمر السنوي لمنظمة "متحدون ضد إيران النووية UANI" في نيويورك أمس الأول، أن "الإيرانيين ينظرون إلى سورية كبوابة لحزب الله".معطيات جديدة
وفي حين فرضت تداعيات إسقاط الطائرة الروسية عن طريق الخطأ في اللاذقية معطيات جديدة على إسرائيل قبل أن تواصل ضرب أهداف لإيران و"حزب الله" في سورية، ذكر نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أمس الأول أن تل أبيب من الآن وصاعداً ستحسب حسابات دقيقة إذا فكرت بالاعتداء على سورية مجدداً في ظل وجود منظومة الصواريخ الدفاعية S300.وشدد المقداد، على هامش مشاركته في حفل استقبال في السفارة الصينية في دمشق، أن "المنظومة الدفاع الروسية S300 كان يجب أن تقدم لسورية منذ وقت طويل"، مضيفاً: "الصواريخ لن تذهب إلى أي مكان إلا إذا هوجمت فليجرب الإسرائيليون، ونحن سندافع عن أنفسنا كما فعلنا دائماً".