هكذا هي الحياة، نلتقي فيها عمالقة وكوكبة من الأدباء والكُتاب والمبدعين، يملأون الدنيا إبداعا ومرحا وسرورا، ثم يتوارون عنا، ويترجلون عن جوادهم، وتبقى ذكراهم جرسا يدق في عالم النسيان، تاركين خلفهم إرثا لا ينضب ولا يجف، كي تستقي منه الأجيال القادمة، وتزخر به المكتبات.

وإسماعيل فهد إسماعيل، تلك القامة الأدبية الكويتية الرفيعة، أحد تلك النجوم والقامات الساطعة والباقية والخالدة بإرث زاخر ووافر من الروايات والكتابات والدراسات الثقافية والأدبية.

Ad

لقد شرُفت خلال عملي الإعلامي بلقائه عدة مرات لقناتي الفيحاء والعراقية، وكم لمست شغفه وحبه الكبيرين للعراق، أرض الإبداع والأدب والمعرفة، كما كان يحلو له تسميتها. كما لمست منه مدى حبه الكبير لمدينة النخيل بالبصرة، التي عاش فيها ردحا من الزمن، وترك هناك كوكبة من الأصحاب والأصدقاء، وجمهورا عريضا من المحبين لأعماله المتميزة. وكتب كثيرا عن عشقه لتلك المدينة ولقرية السبيليات، التي جسَّدها في رواية ومسرحية متميزة شرُفت بحضورها.

لقد رحلت أيها الأديب الرائع، وتركت خلفك ذلك الحب الجارف والرائع لكل ركن من أركان السبيليات، وكل زقاق من أزقتها، فالكل يبكيك أيها الابن الوفي والبار؛ أصدقاؤك يبكونك، أصحابك يبكونك، البصرة تبكيك، مقهى هاتف في البصرة يبكيك، والسبيليات تبكيك.

أيها الأديب الأروع، كم كنت عملاقا بتواضعك وبساطتك وتميزك، حتى نخيل مدينتك يبكيك ألماً وحسرة.

عزاؤنا الوحيد هو تلك الأعمال الخالدة التي تركتها خلفك، كي تحكي للأجيال القادمة ذلك السندباد الذي حمل في قلبه حب الكويت والعراق معاً إلى الأبد.