بتأثر استقبل السفير الفرنسي لدى لبنان برونو فوشيه، في قصر الصنوبر في بيروت، الفنان مارسيل خليفة والمدعوين من سياسيين وفنانين وإعلاميين وأهل الثقافة، وحيا باسم الجمهورية الفرنسية خليفة «ليس كونه معلماً في الموسيقى العربية، أثرت أغنياته بأجيال في العالم العربي، بل هو شخص متحضر دافع طيلة حياته عن القضايا المحقة، خصوصاً في لبنان» على حد تعبيره في الكلمة التي ألقاها في المناسبة.

أضاف: «هذا التكريم والثناء أردتهما في قصر الصنوبر، هذا المكان الذي يرمز إلى العلاقات بين لبنان وفرنسا، ونود أن يكون مساحة تربط بين ثقافات العالم العربي وأوروبا. أشكر مارسيل خليفة لأنه أتى من فرنسا ليكون بيننا الليلة».

Ad

تابع: «هذا الوسام يكافئ ليس مساراً فنياً استثنائياً فحسب، بل التزاماً سياسياً ثابتاً ونبيلاً... في وقت يعاني فيه الشرق الأوسط اضطرابات وتمزقات، وفي وقت يجد فيه المدافعون عن السلام والحوار صعوبة ليسمعوا صوتهم، يجسد مارسيل خليفة صورة الفنان الملتزم، الذي يدافع بفنه وشجاعته عن قيم التضامن والحرية والعدل».

عرض فوشيه مسيرة خليفة من عمشيت، وصولاً إلى تعلمه الموسيقى في المعهد الوطني للموسيقى ببيروت وإنشائه «فرقة الميادين»، حيث نالت أغنياته من بينها: «أمي، وريتا، وجواز السفر» للشاعر محمود درويش شهرة، إضافة إلى أوبرا «محمود العربي».

قال: «التعاون مع درويش جعل منك، ليس رافعة للقضية الفلسطينية فحسب، بل للغة العربية والشعر العربي أيضاً. والموسيقى التي وضعتها دخلت ضمن برامج الأوركسترا العالمية، فسميت عام 2005 سفيراً للأونيسكو للسلام. سحرت العالم العربي كمؤلف ومغن وعازف عود بصوتك وموهبتك وشجاعتك أيضاً. كنت صوت كل القضايا الغالية على قلبك: من حب وطنك لبنان، لبنان المتعدد العلماني والموحد، صوت حوار الثقافات، القضية الفلسطينية، وتوق الشعوب العربية إلى الديمقراطية. وهذه القيم تدافع عنها فرنسا. أبعد من الفنان الكبير الذي تجسد، فنحن نكرم الليلة المواطن العالمي الملتزم والإنساني وصوت السلام. فباسم الجمهورية الفرنسية وباسم وزير الثقافة وباسم السلطات المعطاة لي، أقلدك وسام الآداب والفنون برتبة فارس».

خليفة: فرنسا نقطة الإنطلاق

في كلمته تذكر الفنان مارسيل خليفة طفولته في معهد ماريست (في قريته عمشيت على طريق بيروت- طرابلس)، حيث كان أول اتصال له مع فرنسا، متحدثاً عن أجواء الدراسة وتعلمه الموسيقى فيها.

تطرق إلى دراسته الموسيقى في بيروت، والتي أكملها في فرنسا، وقال: «بسبب أفكاري اليسارية الضارة لجبهة الأرز ولعلمانيتي المتضاربة مع الإيمان الفائض للميليشيات، أخذت طريق المنفى نحو فرنسا مونتسكيو، وفولتير وهوغو، وجوريس وآراغون، ورافيل. وفي فرنسا، سجلت أسطوانتي «وعود من العاصفة»، التي جالت العالم نحو 333 مرة».

أضاف: «فرنسا هي الأرض التي استقبلت عائلتي، وحيث درس أولادي، ونقطة انطلاق لي ولهم إلى العالمية. انسجم في فرنسا اسم خليفة مع مارسيل، وغنى بكل قوة الحرية والحب والإنسان. وفي فرنسا أيضاً جهد مارسيل وخليفة على تحقيق وعد العاصفة أبعد من الحدود واللون والدين».

وتابع: «الوسام الذي تقلدني إياه الليلة بتسميتي فارساً في الآداب والفنون يوقظ في قلبي فرح الطفل، الذي غنى في يوم خريفي أمام الأخ فرناند في المدرسة بعمشيت، وأنا أشكرك. الطفل الذي كبر، يطلب من خلالكم، كونكم سفيراً لدولة كبيرة مبنية على العدل والمساواة والحرية، بإيلاء الحرية كل الاهتمام وبالدفاع عن كل المعتقلين بشكل تعسفي بسبب أفكارهم ومعتقداتهم، خصوصاً المفكرين والصحافيين والمصورين والفنانين، وهم موجودون في كل مكان، وأحياناً حتى في البلدان الديموقراطية، بينما ثمة مجرمون وطغاة يتمتعون بالحصانة والإفلات من العقاب».

جوائز

على مدار مسيرته الفنية نال مارسيل خليفة جوائز عربية وعالمية من بينها: «الوسام الوطني للاستحقاق» (أرفع وسام تونسي) منحه إياه رئيس الجمهورية التونسية محمد الباجي قايد السبسي، في قصر قرطاج في مارس 2018، لمناسبة يوم الاستقلال التونسي، وهو التكريم الثالث له في تونس بعد تكريم وزارة الثقافة له في 2012 ومهرجان قرطاج في 1980. وسام الاستحقاق الفكري والإنجاز (المغرب 2008)، جائزة تشارلز كروس (فئة الموسيقى العالمية - باريس 2008)، وسام الاتحاد العالمي الثقافي اللبناني (بيروت 2008)، وسام الأرز الوطني اللبناني (2005)، جائزة وزارة الشباب الجزائرية (1984)، جائزة مهرجان الفنون الشعبية الأميركية (1975)...

يذكر أنه في عام 2008، كان لمارسيل خليفة دور أساسي في تأسيس أوركسترا قطر الفيلهارمونية وعيِّن مديراً فنياً لها (2010-2008).