جمعت الولايات المتحدة، أمس، مجلس الأمن، للدفاع عن نهجها حيال كوريا الشمالية، مع مطالبة دول العالم بالتزام العقوبات الدولية، ما دامت بيونغ يانغ لم تتخل عن سلاحها النووي.

وترأس وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو هذا الاجتماع، على هامش الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة.

Ad

وكان بومبيو التقى، أمس الأول، في نيويورك نظيره الكوري الشمالي ري يونغ هو، معلنا أنه سيتوجه الى بيونغ يانغ في اكتوبر، في زيارة هي الرابعة منذ الربيع الفائت.

وأوضح أن الهدف هو "إحراز تقدم جديد" في اتجاه نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية، والتحضير لقمة ثانية بين الرئيس الاميركي دونالد ترامب وكيم جونغ اون، على أن تتم في مستقبل قريب.

وعرض بومبيو أمام مجلس الأمن ما حققه من تقدم في هذا الملف، رغم أن العديد من المراقبين يرون أن ما أحرز حتى الان محدود جدا.

ولكن، في حضور الصين وروسيا اللتين تتهمهما واشنطن بتبني موقف متراخ، في وقت لا تزال المفاوضات قائمة، وصولا حتى إلى محاولة الالتفاف على العقوبات، طالب وزير الخارجية الاميركي بدعم المجتمع الدولي.

من ناحيته، شدد الرئيس الأميركي على وجوب تطبيق العقوبات "حتى يتم نزع السلاح النووي، بحيث يتاح لهذا التقدم أن يستمر"، إلا أنه -في الوقت نفسه- أكد أنه "يتطلع بفارغ الصبر" للقاء كيم، مبديا تفاؤله امام الجمعية العامة للامم المتحدة، بعدما بلغ العام الفائت ذروة خطابه المتشدد، مهددا بـ "تدمير" كوريا الشمالية "تماما".

وخلال مؤتمر صحافي عقده في نيويورك، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال ترامب: "لو لم أُنتخب لاندلعت الحرب ولقتل ملايين الاشخاص، وكان يمكن أن تكون هذه حربا عالمية بسهولة بالغة"، مشيدا بـ"الرئيس كيم (...) الرجل الذي عرفته وقدرته"، مضيفا أن الزعيم الكوري الشمالي أرسل له "خطابين رائعين" بدا أنه يريد "إنجاز الأمور".

وحول اتفاق محتمل مع بيونغ يانغ في شأن نزع السلاح النووي، أجاب ترامب: "لا أريد الدخول في لعبة الوقت، الآن نحن في موقف عظيم، أعتقد أننا سننجز حقا شيئا سيكون في غاية الأهمية، لكننا لن نلعب لعبة الوقت... لا بأس إذا استغرق الأمر عامين أو ثلاثة أعوام أو خمسة أشهر".

إدلب

واعتبر الرئيس الأميركي أن تعليق هجوم النظام السوري وحليفتيه روسيا وإيران على إدلب وإنقاذ حياة "ملايين الأشخاص" كان بفضل تغريدة نشرها على "تويتر"، وتوجيهه لبومبيو ولمستشاره للأمن القومي جون بولتون بألا يسمحا بحصول مجزرة بحق ملايين الأشخاص.

وقال: "سورية في حالة فوضى، وأنا كنت مسؤولاً (عن وقف الهجوم) وآمل أن يظل الوضع كما هو عليه. حين كتبت على مواقع التواصل الاجتماعي قبل بضعة أسابيع عن محافظة إدلب قلت: لا تقدموا على ذلك، فتوقف الأمر".

وأضاف: "لن يعطيني أحد الفضل في ذلك، لكن لا مشكلة، لأن الناس يعلمون"، موضحاً أنه لم يسمع بمحافظة إدلب من قبل، وسمع للمرة الأولى بالهجوم الوشيك عليها من امرأة سورية، خلال لقاء جماهيري عقد قبل نحو شهر، إذ حذرت بأنه يتم التخطيط للهجوم، وأعربت عن القلق على شقيقتها هناك".

وأشار ترامب إلى أنه قرأ مقالاً في صحيفة "نيويورك تايمز" حول الموضوع، وقال: "أدركت أنه نفس ما قالته المرأة، ووجدت صعوبة في التصديق أن أحداً يمكن أن يقوم بذلك بحق ثلاثة ملايين شخص، أعتقد أن الملايين كانوا سيُقتلون، وذلك سيكون مخزياً".

ترودو

وقال ترامب إنه رفض اجتماعا مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، لأن الولايات المتحدة "مستاءة جدا" من المفاوضات التجارية. وأضاف: "لسنا على وئام" مع المفاوضات.

في غضون ذلك، أعلن الرئيس الأميركي أن قادة الدول المجتمعين للاستماع إلى كلمته أمام الأمم المتحدة ضحكوا معه، وليس للسخرية منه، عندما أشاد بحصيلة أداء إدارته.

وقال: "لقد أمضينا وقتا ممتعاً"، مضيفاً: "لم يكونوا يسخرون مني، بل يضحكون معي"، مشدداً على أن "الناس أمضوا وقتاً ممتعاً معي".

ووقع الحادث عندما ألقى ترامب كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء.

وكانت كلمة الرئيس الأميركي في البدء أشبه بخطاب حملة قبل الانتخابات التشريعية الأميركية، في نوفمبر المقبل، وتباهى بأن "إدارته تمكنت في غضون أقل من عامين من تحقيق أكثر من أي إدارة أخرى تقريبا في تاريخ البلاد".

وسُمعت عندها بعض الضحكات في القاعة، فقطع ترامب كلمته ليقول: "هذا صحيح"، وعندها كان الضحك مسموعاً بشكل أوضح، فابتسم وقال: "لم أكن أتوقع مثل رد الفعل هذا، لكن لا مشكلة".

بكين

وفي الملف الصيني، اعتبر ترامب أن نظيره الصيني شي جينبينغ "ربّما لم يعد صديقي، ولكنّي أعتقد أنني أحترمه"، وذلك ردّاً على سؤال في شأن الاتهامات التي وجهّها الرئيس الأميركي، قبيل ساعات من ذلك، إلى بكين بالتدخّل في الانتخابات البرلمانية المقبلة في الولايات المتّحدة.

وكان ترامب قال، في وقت سابق لمجلس الأمن: "للأسف، وجدنا أن الصين تحاول التدخل في انتخاباتنا المقبلة المقررة في 2018، إنهم لا يريدوننى ولا يريدون أن نحقق الانتصار، لأننى أول رئيس يتحدى الصين على الصعيد التجاري، ونحن نربح على الصعيد التجاري. نحن نربح على جميع الأصعدة".

مادورو

من ناحيته، أعلن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنه مستعدّ للقاء ترامب، رغم "الاختلافات العميقة"، التي تفصل بين البلدين.

وأضاف مادورو، في خطاب مطوّل استغرق 50 دقيقة، في حين أن الوقت المخصّص لكل رئيس دولة لا يزيد على 15 دقيقة: "أنا على استعداد لأن أصافح رئيس الولايات المتحدة، وأن أناقش معه خلافاتنا الثنائية ومشاكل منطقتنا".

إلى ذلك، علقت صحيفة تايمز البريطانية على مطالبة ترامب بعزل إيران دوليا، قائلة: "لقد وضع ترامب خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة نفوذه السياسي في كفة الميزان، لحشد الدعم، من أجل عزل النظام الإيراني الشرير دبلوماسيا واقتصاديا".

وتابعت الصحيفة: "رغم ذلك، يحاول حلفاء الولايات المتحدة وخصومها، وبشكل غير مشروع، عزل الرئيس ومكافأة طهران، وبذلك تهدد أهم القوى الفاعلة داخل الاتحاد الأوروبي، ومن بينها بريطانيا، مصداقية التحالف العابر للأطلسي".

ورأت الصحيفة أن هذه القوى تقف بذلك ضد واشنطن، وتدمر مصداقية العقوبات كأداة سياسية فعالة ضد الأنظمة المستبدة. وذهبت الصحيفة إلى أنه "ليس هناك أي مبرر أخلاقي للإبقاء على اتفاق ينتظر منه أن يبطئ التطور باتجاه حرب، لكنه يطلق كل الحرية لنظام قمعي للمشاركة في حروب أخرى".

ورأت الصحيفة أن ذلك "انتهازية تجارية بحتة"، وتمثل خطرا على تماسك التحالف الغربي، ونصحت بريطانيا بألا تشارك فيه.