حوار الطرشان
ينطبق على ما يحدث بين أجهزة الدولة ووزاراتها ومؤسساتها فيما يتعلق بالتعاون في كشف ملابسات القضايا الحيوية وعلاج بعض المشاكل التي تمس الوطن والمواطنين المقولة الشهيرة "حوار الطرشان"، حيث يتحدث كل مسؤول في الحكومة عن موضوع ولا يستمع إلى المسؤول الآخر، ويهرب من مشاكل الجهة التي تتبع له إلى إلقاء التهم على جهة أخرى، ويرد على الأسئلة التي تشغل الرأي العام بإجابات لأسئلة أخرى ليدخلهم في حالة من التوهان والجدل.والكثيرون من المسؤولين في وزاراتنا ومؤسساتنا يقذفون كرة المشاكل من ملعبهم إلى ملعب الآخرين، ولا يجدون غضاضة في توجيه التهم إليهم رغم أنهم شركاء وبإمكانهم الحل والربط، ولكن مشكلتهم أنهم يعملون في ظل نظام حكومي يغيب فيه التنسيق والتعاون، وتسيطر عليه الإجراءات الروتينية وتداخل الاختصاصات بين الجهات وغياب الكفاءات وأصحاب القرار الذين يستطيعون المواجهة لا توجيه الاتهامات.
ولعل ما دفعني للحديث عن هذا الموضوع ما جاء في البيان الصحافي الذي أصدره المجلس البلدي يوم الأربعاء الماضي واتهامه للجهات الرقابية أنها وراء تفشي ظاهرة الاستيلاء على أملاك الدولة، فتيقنت أن هذا الكلام يندرج تحت مسمى "حوار الطرشان"، فلمن يوجه المجلس البلدي هذا الحديث؟ وهل "البلدي" لا يوجد لديه تواصل وتنسيق مع البلدية التي من صميم مهامها منع التعدي على أملاك الدولة بالتعاون مع جهات أخرى؟ ولماذا لا يناقش مسؤولو "البلدي" هذه المشاكل مع باقي المسؤولين من الجهات الأخرى داخل الغرف المغلقة، ويبحثون عن حلول عملية لها لا تسويقها عبر وسائل الإعلام ومن خلال "الشو الإعلامي"؟أيها السادة المسؤولون لقد تعب المواطنون من هذه السياسة التي يتبناها الكثيرون منكم وتنصلكم الدائم من المسؤولية وعدم سعيكم إلى مواجهة المشاكل، والتذرع بحجج واهية، فيقولون هذه المشكلة ليست من اختصاصنا رغم أن المفروض أن جميع الجهات الحكومية تعمل كفريق عمل واحد ويكمل بعضها بعضا، وتسعى إلى النجاح الذي ينسب في النهاية إلى المنظومة والمظلة، وهي الحكومة لا وزارة أو مؤسسة بعينها... فهل سنرى قريباً الحكومة تعمل بروح الفريق الواحد ولا تلقي كل جهة بالمسؤولية على الأخرى؟ نأمل ذلك، والله الموفق والمستعان.